للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن (قوة الشراء) كانت فعلا ضعيفة لدى هذه البلدان أو هي تساوي صفرا في السوق العالمية، فإذا وضعت مخططاتهم بالتقديرات النقدية وليس منها في أيديهم شيء، فإن (إقلاعهم) سيصبح مستحيلا، وستكون خطواتهم في هذا الإتجاه مجرد تيه يعرضهم لخيبة أمل تارة، ولفشل أخرى، وأحيانا لتورطات سياسية على حساب سيادتهم.

وقد يحدث أيضاً لبعض البلدان من العالم الثالث، أن تعلن على الصعيد السياسي موقفها الإشتراكي، ولكن دون رؤية واضحة لمستلزمات هذا الموقف على الصعيد الإقتصادي، فنراهم ينهجون في مخططاتهم منهج من يعتمد على (قوة الشراء) المفقودة بين أيديهم، فتصبح مخططاتهم خاضعة لتبعيات مالية تعطل إنجازها.

وطالما لم تتوضح فكرة الإستثمار في تلك البلدان، وتبقى فيها خاضعة لسلطان المال، فإنها- مهما كان مبدؤها السياسي- لن تكتشف قدرتها الإقتصادية الحقيقية.

والمشكلة هذه التي تفرض شرطا مسبقا على مشروعات تلك البلدان، ليست في الواقع من الصنف الإقتصادي بالمعنى الضيق لهذه الكلمة، ولكنها- قبل ذلك- مشكلة نفسية ثقافية، أو بعبارة أخرى هي من الصنف الأيديولوجي مع توسيع معنى هذه الكلمة. فهذه البلاد تعيش نتائج صدمة ثقافية تحرمها من حرية التصرف في أكثر من ميدان.

ففي الميدان الإقتصادي يجب عليها أن تكتشف قدرتها الحقيقية، التي لا توجد على محور (القدرة المالية)، ولكن على محور (القدرة الإجتماعية).

وطالما لم تقم البلدان المعنية بهذه الخطوة من أجل تحررها النفسي- الثقافي، فإن تحررها الإقتصادي يصعب أو يستحيل .. وهكذا يصبح بعضها

<<  <   >  >>