للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لقد كان (التقسيم) وليد هذه الظاهرة في الهند. فكانت باكستان بغثّها وسمينها وما منيت به من خسائر في النفس والنفيس، فضلا عن هجرة الملايين أو تهجيرهم مطاردين في طرفي حدود مصطنعة. وكانت أخيرا رصاصة مني بها رجل (اللاعنف) غاندي نفسه وقضت عليه إبان الزوبعة التي أثارها استقلال الهند.

قد لا نخطئ إذ نعزو ذلك إلى دهاء الإنجليز، فإذا اعتمدنا هذا السبب- وهو ليس السبب الوحيد- فدور رجل مثل (باطيل) (١) ونظيره الباكستاني لا يقل أهمية في الموضوع.

وبعبارة أدق فزعماء المؤتمر الهندي من ناحية، والرابطة الإسلامية من ناحية أخرى، هم الذين تحقق على أيديهم تمزيق الوطن وزهق ملايين النفوس.

ينبغي أن نسقط أحداث الجنوب العربي على هذه الخلفية، إذا أردنا أن نفهم طبيعة الخلاف الناشب اليوم بين الحركتين وهما على عتبة إستقلال الوطن.

هنا أيضا لا نغفل دور (إنجلترا) التي تريد أن تغادر الديار، ولكن بعد إضرام النار في أركانها.

وإذا كان الأمر كذلك، فإنها تقاليد الاستعمار يباشر (تصفية الاستعمار) كما يقولون بهذه الطريقة، حدث ذلك في فلسطين عام ١٩٤٨ عندما غادرها الجيش البريطاني على رؤوس الأصابع، ليترك الشعب الفلسطيني تحت رحمة رشاشات المنظمات الإرهابية الصهيونية كـ (شتيرن والهجانا).

بل لعل الطريقة التي اتبعها الإنجليز في فلسطين، أكثر وضوحا من الطرق التي يسلكها الاستعمار عادة في مثل هذه الحالات، فقد جاء انسحاب الجيش


(١) وزير الداخلية في الحكومة الهندية الأولى وكان رجلا معروفا بالتعصب الديني والحقد على الإسلام.

<<  <   >  >>