للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ففي ساحة مكة كان الجلادون ضد الثورة، والمعذبون كانوا شهداء الثورة التي سميت الإسلام.

وفي يوم حين كانت شمس الضحى ترسل على الأرض أشعة ملتهبة تجعل الرمل كرماد الفرن، وكل حصاة في الأرض كحجرة متقدة، ها هو ذا النبي صلوات الله عليه وأزكى التسليم، يمر بساحة التعذيب فيرى ما يستوقفه: لقد كانوا يعذبون آل ياسر.

إن ياسرا لم يكن من بطن من بطون مكة، ولكنه أتى إليها مع أخوين له، يبحثون عن أخ لهم رابع لم يجدوه، فقرر الإخوة الرجوع.

إلا أن ياسرا آثر البقاء بالمدينة القرشية، وكما جرت عادة القوم فقد والى أحد بطونها من بني مخزوم فزوجوه من أمة لهم إسمها (سمية).

كان عمار أول من أنجبته سمية لياسر، وأصبح، وهو شاب اخضر شاربه،

من المسلمين الأوائل، ثم جعله الله سببا لهداية والديه للإسلام، فاهتدت سمية واهتدى ياسر.

لكن الإبتلاء الذي كتبه الله على أولئك المسلمين الأوائل كان قد ابتدأ، وهكذا سيق ذات يوم ياسر وآله إلى ساحة التعذيب.

واتفق للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن يمر بالساحة فاستوقفه المنظر المؤلم، وهو يرى ما انصب من عذاب على أصحابه فقال صلوات الله عليه:

- طوبى لكم آل ياسر، إن موعدكم الجنة!

وسكت لحظة .. كأنما عليه الصلاة والسلام يتحسس ثقل الرسالة التي شرفه الله بها، ويستشف معناها الحضاري. ثم قال:

<<  <   >  >>