للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويتبقى بعد ذلك أن ندرس كيف ولماذا تنشأ هذه الصعوبات في عالم نفوسنا أكثر مما تنشأ في عالم الأشياء؟

فهذا السؤال هو بالضبط موضوع المحاضرتين الثانية والثالثة، في أي ترتيب شئنا نتناولهما، سواء تناولنا موضوع (المسوّغات في المجتمع) أم لا، كما فعلنا أو تناولنا قبله موضوع (المفاهيم الإقتصادية والقيم الإنسانية).

ولكن يبدو لنا أن موضوع (المسوّغات)، الذي خصصنا له المحاضرة الثانية، يسبق بحكم الطبيعة موضوع المحاضرة الثالثة، لأن الأول يدرس الأسباب العأمة التي تطلق الطاقات الاجتماعية وتوجهها نحو مشكلات البناء، بينما تدرس المحاضرة الأخرى- المفاهيم الإقتصادية والقيم الإنسانية- مصدر الطاقات الخاصة الي يتطلبها البناء الإقتصادي، في مجتمع لم يزوده بعد التطور بالجهاز العادي، الذي نجده في حوزة مجتمع بلغ درجة معينة من النمو وكون رصيده الإقتصادي من مصانع ومصارف.

فالمحاضرة الثانية تكون إذن، بالنسبة للثالثة، كالمقدمة العأمة بالنسبة للنتيجة الخاصة في علم المنطق.

أما المحاضرة الرابعة (الديمقراطية في الإسلام) فإنها تعالج مشكلة ذات طابع مزدوج: فهي تتناول موضوع بناء وموضوع اتصال أو اتجاه في وقت واحد، لأننا حاولنا أن نبين فيها للقارئ أن كل مشروع ديمقراطي: قبل أن يصبح بناء المؤسسات والمنظمات السياسية ذات الطابع الديمقراطي، فهو بناء الإنسان بناء خاصاً، حتى يكون شعوره نحو الـ (أنا) (١) ونحو الآخرين، الشعور الذي تنبعث منه كل المسوّغات الكفيلة بتحقيق هذه المؤسسات والمنظمات، والكفيلة بحايتها خلال التطورات التي يأتي بها التاريخ.


(١) الأنا بمصطلح علم النفس معناها الذات.

<<  <   >  >>