للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى الحبشة مرة ثانية، وكان عدد من خرج في هذه المرة الثانية ثلاثة وثمانين رجلا، إن كان فيهم عمار بن ياسر، ومن النساء تسع عشرة امرأة، فكان المهاجرون في مملكة أصحمة النجاشي آمنين، فلما علمت قريش بذلك أرسلت للنجاشي بهدايا وتحف ليردهم عليهم، فمنع ذلك عليهم، ورد عليهم هداياهم، وبقي المهاجرون في الحبشة آمنين حتى قدموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر (١).

٧ - ولما رأت قريش انتشار الإسلام، وكثرة من يدخل فيه، وبلغها ما لقي المهاجرون في بلاد الحبشة، من: إكرام وتأمين، مع عودة وفدها خائبًا، اشتد حنقها على الإسلام، وأجمعوا على أن يتعاقدوا على بني هاشم، وبني عبد المطلب، وبني عبد مناف وأن لا يبايعوهم، ولا يناكحوهم، ولا يكلموهم، ولا يجالسوهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة، فانحاز بنو هاشم، وبنو عبد المطلب مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهب، فإنه بقي مظاهرًا لقريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بني هاشم، وبني عبد المطلب.

وحُبسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعب أبي طالب ليلة هلال محرم، سنة سبع من البعَثة، وبقوا محصورين محبوسين، مضيقًا عليهم جدًّا، مقطوعًا عليهم الطعام والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغهم الجهد، وسُمِعَ أصوات صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب، ثم أطلع الله رسوله على أمر الصحيفة، وأنه أرسل عليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم إلا ذكر الله- عز وجل-، فأخبر بذلك عمه، فخرج إلى قريش فأخبرهم أن


(١) انظر: زاد المعاد لابن القيم٣/ ٢٣، ٣٦، ٣٨، والرحيق المختوم ص٨٩، وهذا الحبيب يا محب ص١٢٠، وسيرة ابن هشام ١/ ٣٤٣، والبداية والنهاية ٣/ ٦٦، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر ٢|٩٨، ١٠٩، وتاريخ الإسلام للذهبى، قسم السيرة، ص٨٣ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>