للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، قال: فإني أدعوك إلى النّزال، فقال له: لم يا ابن أخي؟ فوالله ما أحبّ أن أقتلك. قال له علي: ولكني والله أحب أن أقتلك، فغضب عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه، ثم أقبل على علي وسل سيفه كأنه شعلة نار، فاستقبله علي بالترس، فشق السيف الترس، فضربه علي على حبل عاتقه، فسقط وثار الغبار، وسمع المسلمون التكبير، فعرفوا أن عليًّا قتله.

وقال علي رضي الله عنه:

نصر الحجارة من سفاهة رأيه ... ونصرت رب محمد بصوابي

فصدرت حين تركته متجدلًا ... كالجذع بين دكادك وروابي

وبعد هذه المبارزة انهزم الباقون، وخرجت خيولهم حتى اقتحمت الخندق (١).

وهكذا ظهرت الشجاعة العظيمة الحكيمة، ومن عظم هذه الحكمة أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - دعا عمرًا إلى الله فأبى ذلك، فدعاه إلى النزال فنزل، فقتله رضي الله عنه، فكان ذلك من أسباب نصر المسلمين بإذن الله تعالى (٢).

فظهرت حكمة علي - رضي الله عنه - في هذا الموقف من عدّة وجوه، منها:

(أ) استئذانه النبي صلى الله عليه وسلم في المبارزة.

(ب) تذكيره لعمرو بن عبد ودّ ما عاهد عليه الله من قبول ما يعرض عليه من الخصال من قريش.


(١) انظر: البداية والنهاية ٤/ ١٠٦، وسيرة ابن هشام ٣/ ٢٤٠، وزاد المعاد ٣/ ٢٧٢، وانظر أيضًا شجاعة علي - رضي الله عنه - في حياة الصحابة للعلامة الكاندهلوي ١/ ٥٤١ - ٥٤٦.
(٢) انظر: غزوة الخندق كاملة في زاد المعاد ٣/ ٢٦٩ - ٢٧٦، وسيرة ابن هشام ٣/ ٢٢٩ - ٢٥٢، والبداية والنهاية ٤/ ٩٢ - ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>