للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني

من مواقف الحسن البصري رحمه الله للحسن البصري (١) - رحمه الله - مواقف حكيمة في دعوته إلى الله - عز وجل -، ومنها على سبيل المثال ما يلي:

١ - موقفه مع الحجاج بن يوسف الثقفي:

من حكمة الحسن أنه لا يرى الخروج على الأئمة العُصاة من المسلمين، فقد جاء جماعة من المسلمين إلى الحسن البصري يستفتونه في الخروج على الحجاج، فقالوا: يا أبا سعيد، ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام. . . وفعل وفعل؟ فقال الحسن: أرى أن لا تقاتلوه؛ فإنها إن تك عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، وخرجوا من عند الحسن ولم يوافقوه، فخرجوا على الحجاج فقتلوا جميعًا (٢) ولهذا كان الحسن يقول: لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يفرج عنهم، ولكنهم يجزعون إلى السيف فيوكلون إليه، فوالله ما جاءوا بيوم خير قط (٣).

ومع ذلك كله فقد أراد الحجاج أن يقتل الحسن البصري مرارًا، ولكن الله عصمه منه. بعث الحجاج إلى الحسن مرة - وقد همّ به - فجاء الحسن إليه، فلما قام


(١) هو الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، أبو سعيد مولى الأنصار، وأمه خيرة مولاة أم سلمة أم المؤمنين - رضي الله عنها -، وأبو الحسن يسار من سبي ميسان - وهي بين البصرة وواسط - سكن المدينة، وأعتقَ وتزوج بها في خلافة عمر، فولد له بها الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه، وتوفي الحسن سنة ١١٠ هـ وكان عمره ٨٨ سنة - رحمه الله -. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، ٤/ ٥٦٣ - ٥٨٧، وتهذيب التهذيب لابن حجر ٢/ ٢٣١.
(٢) انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٧/ ١٦٣ - ١٦٥، والبداية والنهاية لابن كثير ٩/ ١٣٥.
(٣) انظر: طبقات ابن سعد ٧/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>