للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر: كأنه يقول: من أين جاءت وأين يُذهَبُ بها؟ فقال له سليمان: ما أعجبك؟ فقال عمر: أعجب ممن عرف الله فعصاه، ومن عرف الشيطان فأطاعه، ومن عرف الدنيا فركن إليها (١) وهذه كلمات حكيمة في الدعوة إلى الله موجّهَة إلى خليفة المسلمين، استغل عمر توجيهها إليه في الفرصة المناسبة، ملتزمًا طريق الحكمة في ذلك كله.

٢ - وحجّ سليمان بن عبد الملك ومعه عمر بن عبد العزيز فأصابهم برق ورعد، حتى كادت تنخلع قلوبهم، فنظر سليمان إلى عمر وهو يضحك، فقال سليمان: يا أبا حفص، هل رأيت مثل هذه الليلة قط أو سمعت بها؟ فقال: يا أمير المؤمنين، هذا صوت رحمة الله، فكيف لو سمعت صوت عذاب الله؟ فقال: هذه المائة ألف درهم، فتصدق بها. فقال عمر: أو خير من ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: وما هو؟ قال: قوم صحبوك في مظالم لهم لم يصلوا إليك، فجلس سليمان فرد المظالم (٢).

الله أكبر ما أحكم هذا الموقف وأعظمه! فقد استطاع عمر بن عبد العزيز بعون الله - تعالى - ثم بحكمته أن يؤثر على سليمان حتى جلس ورد المظالم.

٣ - ومن أعظم مواقفه الحكيمة مع سليمان بن عبد الملك أن سليمان قال له: يا أبا حفص، إنا ولينا ما قد ترى، ولم يكن لنا بتدبيره علم، فما رأيت من مصلحة العامة فمر به، فكان من ذلك أن عمر أمر بعزل عمال الحجاج، وأقيمت الصلاة في أوقاتها بعد ما كانت أميتت عن وقتها، مع


(١) انظر: مناقب عمر، لابن الجوزي، ص ٥٢، والبداية والنهاية ٩/ ١٩٥.
(٢) انظر: مناقب عمر، لابن الجوزي، ص ٥٢، ٥٣، وسير أعلام النبلاء ٥/ ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>