للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يمكن أن يُصدّق عاقل بهذا، لأنه من قبيل المستحيل الذي لا تقبله العقول ولا تُقرّة، فكيف يُصدّق عاقل أن الكون كله بما فيه من إبداع وتنظيم في كل ذرة من ذراته وُجِدَ بطريق الصدفة؟

إن مخلوقًا يُصدّق بهذه التخيلات لمجنون قطعًا، لا تصلح نسبته إلى العُقلاء، ولا يُذكر في عدادهم أبدًا {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: ١٠] (١).

وهذا فيه دلالة عقلية قاطعة على أن الله هو الخالق لكل شيء، وأن الصدفة لا وجود لها ولا تصرف في مخلوقات الله -تعالى-، وبهذا تبطل شبه أهل الإلحاد والعناد الذين قالوا بالصدفة، ولله الحمد (٢).

المسلك الخامس: المناظرات العقلية الحكيمة:

من الحكمة في دعوة الملحدين والطبيعيين الماديين أن يناظروا بالمناظرات العقلية الحكيمة التي توضح لهم الحق، وتجعلهم يسلمون ويقرون بأن الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل.

ومن المناظرات التي أفحم بها المسلمون الملحدين ما ذُكِر عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- أنه اجتمع بطائفة من الملحدين وناظرهم فغلبهم، ورجعوا على أنفسهم بالملام، وقيل: إنهم رجعوا إلى الحق وأسلَمُوا على يديه (٣).


(١) سورة إبراهيم، الآية ١٠.
(٢) انظر: درء تعارض العقل والنقل ٣/ ١٢٩، والإسلام يتحدى، لوحيد الدين خان ص٦٥، وعقيدة المؤمن لأبي بكر الجزائري ص٣٤، ومنهاج الجدل في القرآن الكريم للدكتور زاهر بن عواض الألمعي ص١٤٢.
(٣) سبقت هذه المناظرة بتمامها في مواقف أبي حنيفة، ص٢٨٨، وانظر: درء تعارض العقل والنقل ٣/ ١٢٧، والرياض الناضرة لسعدي ص٢٥٨، وعقيدة المسلمين للبليهي ١/ ١٢٣، ومنهاج الجدل ص١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>