للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عبد الله ورسوله، وأحد أنبيائه ورسله الكرام، ويتصف بصفات البشر، ويأكل الطعام كما يأكله البشر (١) {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} [المائدة: ٧٥] (٢).

وقد شهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بالجنة لمن شهد أن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، فقال: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» (٣).

وحذر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن الغلو، وبين أنه من أسباب تأليه النصارى لعيسى ابن مريم (٤).

وبهذه البراهين القطعية من الأدلة العقلية والنقلية يتضح لكل ذي لب أن عيسى عبد الله ورسوله، وابن أمته، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، ومن وصفه بغير ذلك من الصفات التي لم يصفه بها ربه وخالقه فقد خرج عن مقتضى العقل والنقل إلى الجنون أو الجحود والظلم: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء: ١٧٢] (٥) {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ - وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٧٩ - ٨٠] (٦).


(١) انظر: تفسير ابن كثير ٢/ ٨٢.
(٢) سورة المائدة، الآية ٧٥.
(٣) البخاري، كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى: " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم "، ٦/ ٤٧٤، ومسلم، في الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا ١/ ٥٧، وانظر زيادة للحديث في البخاري مع الفتح ٦/ ٤٧٤، ومسلم ١/ ٥٧.
(٤) انظر: البخاري مع الفتح، كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى: " واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها. . . "، ٦/ ٤٧٨، وكتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، ١٢/ ١٤٤.
(٥) سورة النساء، الآية ١٧٢.
(٦) سورة آل عمران، الآيتان ٧٩، ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>