للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلك الثاني: عقوبة التعزير:

التعزير هو العقوبة المشروعة على جناية لا حد فيها (١) وقد اتفق العلماء -رحمهم الله- على أن التعزير مشروع في كل معصية ليس فيها حد. والمعصية نوعان: ترك واجب أو فعل محرم (٢) كما يستتاب المرتد حتى يسلم، فإن تاب وإلا قتل، وكما يعاقب تارك الزكاة وحقوق الآدميين حتى يؤدوها (٣).

والتعزير أجناس: فمنه ما يكون بالتوبيخ والزجر بالكلام، ومنه ما يكون بالحبس، ومنه ما يكون بالنفي عن الوطن، ومنه ما يكون بالضرب؛ فإن كان ذلك لترك واجب مثل الضرب على ترك الصلاة، أو ترك أداء الحقوق الواجبة مثل: ترك وفاء الدين مع القدرة عليه، أو على ترك رد المغصوب، أو أداء الأمانة إلى أهلها فإنه يضرب مرة بعد مرة حتى يؤدي الواجب ويفرق عليه الضرب يوما بعد يوم، وإن كان الضرب على ذنب ماض جزاء بما كسب ونكالا من الله له فهذا يفعل منه بقدر الحاجة فقط، وليس لأقله حد. أما أكثر التعزير ففيه ثلاثة أقوال وأعدلها أنه لا يتقدر بحد، لكن إن كان التعزير فيما فيه مقدر لم يبلغ به ذلك المقدر مثل التعزير على سرقة دون النصاب لا يبلغ به القطع، والتعزير على المضمضة بالخمر لا يبلغ به حد الشرب، والتعزير على القذف بغير الزنا واللواط لا يبلغ به الحد (٤). أما حديث «لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله» (٥) فقد فسره طائفة من أهل العلم بأن المراد بحدود الله ما حرم لحق


(١) انظر: المغني لابن قدامة، ١٢/ ٥٢٣.
(٢) انظر: فتاوى ابن تيمية، ٣٥/ ٤٠٢.
(٣) انظر. المرجع السابق، ٢٨/ ٣٤٧، والحسبة في الإسلام لابن تيمية، ص ٥٠.
(٤) انظر: فتاوى ابن تيمية، ٢٨/ ١٠٨، والحسبة في الإسلام لابن تيمية، ص ٥٢.
(٥) البخاري مع الفتح، كتاب الحدود، باب التعزير والأدب ١٢/ ١٧٥، ومسلم، كتاب الحدود، باب قدر أسواط التعزير ٣/ ١٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>