للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفة النفسية، وهذا المظهر هو السلوك، فالسلوك هو المظهر الخارجي للخلق، فنحن نستدل من السلوك المستمر لشخص ما على خلقه، فالسلوك دليل الخلق، ورمز له، وعنوانه، فإذا كان السلوك حسنا دل على خلق حسن، وإن كان سيئا دل على خلق قبيح، كما أن الشجرة تعرف بالثمر، فكذلك الخلق الطيب يعرف بالأعمال الطيبة (١).

والحكمة تتفرع إلى فروع، وأحد هذه الفروع هو السلوك الحكيم، والتزام فضائل الأخلاق، واجتناب رذائلها ظاهرًا وباطنًا هو السلوك الأخلاقي الحكيم (٢).

والداعية إذا التزم السلوك الأخلاقي الحكيم كان ذلك من أعظم طرق اكتساب الحكمة، ومن أسباب توفيق الله له في دعوته، وفي أموره كلها، واستقامته، وحسن سيرته، وأدعى لقبول دعوته، وإصلاح الأخلاق، ومحاربة المنكرات، إذ لا يجد في الناس من يغمزه في سلوكه الشخصي، سواء كان ذلك قبل قيامه بالدعوة أو بعده، وكثيرًا ما سمعنا أن أناسًا قاموا بدعوة الإصلاح، وخاصة إصلاح الأخلاق، وكان من أكبر العوامل في إعراض الناس عنهم، وعن دعوتهم ما يذكرونه لهم من ماض ملوّث، وخلق غير مستقيم، بل إن هذا الماضي السيئ مدعاة للشك في صدق مثل هؤلاء الدعاة، بحيث يتهمون بالتستر وراء دعوة الإصلاح؛ لأغراض خاصة، أو يتهمون بأنهم ما بدءوا بالدعوة إلى الإصلاح إلا بعد أن قضوا بعض أوقات أو مراحل أعمارهم، وأخذوا نصيبهم من ملذات الحياة وشهواتها، وأصبحوا في وضع أو عمر لا أمل لهم فيه بالاستمرار فيما كانوا يبلغون فيه من عرض أو مال، أو شهرة، أو جاه.


(١) انظر: مقدمة في علم الأخلاق ص ٤٣.
(٢) انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها للميداني ١/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>