للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣] الآيات, إلى قوله تعالى: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} [الإسراء: ٣٩] (١).

فبين الله - عز وجل - في هذه الوصايا الحكيمة قواعد السلوك الحكيم، وبدأه بقاعدة التوحيد؛ ليقيم على هذه القاعدة البناء الاجتماعي كله، وآداب العمل والسلوك فيه، كما تربط بهذه العروة الوثقى جميع الروابط؛ فإن جميع ما في الحياة لا يقوم بناؤه إلا بالتوحيد، وكل سلوك لا يقوم ولا يستند إلى توحيد اللهّ لا تقوم له قائمة، ولا يطلق عليه سلوكا حكيمًا، بل سلوكًا جاهليًّا (٢).

وهذه الوصايا في سورة الإسراء من أعظم ما تكتسب به الحكمة، قال الإمام الشوكاني: " وترتقي إلى خمسة وعشرين تكليفًا " (٣).

فاشتملت هذه الوصايا على خمس وعشرين حكمة، الأخذ بها خير من الدنيا وما فيها، والتفريط فيها هو سبب خسران الدنيا والآخرة (٤).

ويختم الله - عز وجل - الأوامر والنواهي في الوصايا كما بدأها بربطها بالله وعقيدة التوحيد والتحذير من الشرك، وبيان أن هذه المذكورات بعض الحكمة التي يهدي إليها القرآن الذي أوحاه الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: ٣٩] وهو ختام يشبه الابتداء، فتجيء محبوكة الطَرفين، موصولة بالقاعدة الكبرى التي يقيم عليها الإسلام الحياة، قاعدة: توحيد الله وعبادته وحده دون ما سواه (٥).


(١) سورة الإسراء، الآيات ٢٢ - ٣٩.
(٢) انظر: في ظلال القرآن ٤/ ٢٢٠٩، ٢٢٢٠.
(٣) انظر: فتح القدير للشوكاني٣/ ٢٢٩.
(٤) انظر: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير٢/ ٥٩٩.
(٥) انظر: في ظلال القرآن لسيد قطب ٤/ ٢٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>