للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالهدوء والامتداد، وكأني بالشاعر في هذا البيت قد أوشك قلبه أن ينخلع عنه من شدة خوفه، ولكن بعدما أحس بعلامات الرضا في وجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بدأ صوته يعلو شيئًا فشيئًا، وتطمئن نفسه، ويستجمع قواه للدفاع عن نفسه قائلًا: "لا تأخذني بأقوال الوشاة"، تأمل، الإيقاع مختلف تمامًا "مهلا هداك لم أذنب لا تأخذني بأقوال الوشاة" اطمئنان منحه الثقة، فقدم مطلبه مشفوعًا بالحجة القوية. إنه يطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- ألا يؤاخذه، والدليل على عدم أحقيته للعقاب من وجهة نظره أنه لم يذنب، وأما ما قيل عنه ونسب إليه قوله: فإنما هو من فعل الوشاة، ولا يعدو كونه مجرد أرجايف لا صحة لها.

ثم تأمل معي البيت الرابع، ولاحظ أسلوب التوكيد "إن، اللام": "إن الرسول لنور" انظر ما قيمة هذا هذا التأكيد، أو هذا الأسلوب ينفي زعم من زعم أن خوف كعب كان سبب ذهابه كعب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا زعم غير صحيح بدليل: "إن الرسول" ينفي هذا التأكيد زعم من زعم خوف كعب كان سبب ذهابه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن صح هذا الزعم، فلماذا لم يذهب إليه كعب فور سماعه نبأ إهدار دمه؟ وقد ملأ الخوف قلبه، وأخبره أخوه أنه لن يفلت من العقاب، لماذا لم يبادر كعب بذهابه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين ذاك؟ نحن لا ننكر وجود الخوف، وكعب صرح بهذا في نفس القصيدة، لكن الإيمان الذي مس شغاف قلبه هو الذي ساقه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وانطلق به إليه.

والدليل على ذلك: هذا التأكيد "إن الرسول" كلمة "الرسول ونور" يتفق مع ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أرأيت كيف يمكننا استكشاف عوالم النفس، وما يموج فيها من مشاعر وأحاسيس من خلال المنهج الفني الذي ينهض بتحليل العمل الأدبي تحليلًا فنيًّا. اقرأ معي هذا البيت:

<<  <   >  >>