للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشار الهرمزان على عمر رضي الله عنه أن يبدأ بقتال كسرى قبل قيصر وفارس؛ لأن كسرى بمثابة الرأس فإذا سقط الرأس فلا قيمة لبقية الجسد؛ ولهذا قال الهرمزان رحمه الله "فالرأس كسرى، والجناح قيصر، والجناح الآخر فارس، فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى "؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فوائد هذا الحديث: "وفيه البداءة بقتال الأهم فالأهمِّ " (١) فينبغي العناية بذلك وبالتدرج في جميع الأمور على حسب الحكمة والصواب.

عاشرا: من أساليب الدعوة: الترغيب والترهيب: دل هذا الحديث على أسلوب الترغيب والترهيب؛ لأن المغيرة رضي الله عنه قال لعامل كسرى: «وأخبرنا نبينا عن رسالة ربنا أنه من قتل منا صار إلى الجنة في نعيم دائم لم ير مثلها قط (٢) ومن بقي منا ملك رقابكم»، فقوله: «في نعيم دائم» فيه ترغيب في الجهاد وبيان فضل الشهادة في سبيل الله عز وجل. وقوله: «ومن بقي منا ملك رقابكم» فيه ترغيب للمجاهدين في أن من نصره الله استولى على الأعداء، وفيه ترهيب للأعداء وتخويف من البقاء على الكفر؛ لأن من بقي على ذلك يصير إلى القتل أو إلى الرق والذل. والله أعلم. (٣).

الحادي عشر: من أصناف المدعوين: المشركون: ظهر في هذا الحديث أن من أصناف المدعوين: كسرى، وقيصر، وفارس، ولا شك أن فارس عباد النار، والنصارى عباد عيسى صلى الله عليه وسلم، وإن كانوا أهل كتاب، فينبغي أن يدعى هؤلاء كل على حسبه وبما يناسبه. (٤).

الثاني عشر: من موضوعات الدعوة: الحض على الجهاد حتى يعبد الله وحده: ظهر في الحديث الحض على الجهاد لقول المغيرة رضي الله عنه لعامل كسرى: «فأمرنا نبينا رسول ربنا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية» (٥).


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٢٦٦.
(٢) انظر: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، لابن القيم ص ٣٥.
(٣) انظر: الحديث رقم ٧، الدرس الثالث، والدرس الرابع عشر.
(٤) انظر: الحديث رقم ٩٠، الدرس الرابع، ورقم ٩١، الدرس الثامن، ورقم ١٧٩، الدرس السابع.
(٥) انظر: الحديث رقم ٢، الدرس الثالث، ورقم ١٨، الدرس الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>