للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا: من سماحة الإسلام: حفظه لحرمة العهد والميثاق: دل هذا الحديث على أن الإِسلام يحفظ حرمة العهد والميثاق؛ ولهذا حرم قتل المعاهد الذي دخل في ذمة المسلمين: بصلح، أو عهد، أو أمان، أو بدفع الجزية، إلا أن ينقض العهد ويأتي بما يحل دمه وماله؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة»، وقد أمر الله عز وجل المؤمنين بالوفاء بالعقود والعهود والمواثيق فقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] (١).

قال الإِمام أبو جعفر الطبري رحمه الله: "أوفوا بالعقود" يعني: أوفوا بالعهود التي عاهدتموها ربكم، والعقود التي عاقدتموها إياه، وأوجبتم بها على أنفسكم حقوقا، وألزمتم أنفسكم بها لله فروضا، فأتموها بالوفاء، والكمال، والتمام منكم لله بما ألزمكم بها، ولمن عاقدتموه منكم، بما أوجبتموه له بها على أنفسكم، ولا تنكثوها، فتنقضوها بعد توكيدها" (٢).

ونقل رحمه الله: اتفاق أهل التفسير على أن معنى "العقود" العهود (٣) وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم نقض العهد من علامات النفاق الخالص، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربع من كُنَّ فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يَدَعَها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» (٤) وهذا يؤكد للداعية أنه ينبغي له أن يبين سماحة الإِسلام وحفظه لحرمة العهود والمواثيق.


(١) سورة المائدة، الآية: ١.
(٢) تفسير الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ٩/ ٤٤٩.
(٣) انظر: المرجع السابق، ٩/ ٤٤٩، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ٦/ ٣٥.
(٤) متفق عليه: البخاري، كتاب الإِيمان، باب علامة المنافق، ١/ ١٧، برقم ٣٤، ومسلم كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، ١/ ٧٨، برقم ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>