للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشرطين: الأول: أن يخضعوا لأحكام الإسلام في الجملة، والثاني: أن يدفعوا الجزية. فإذا فعلوا ذلك وجب القيام بالوفاء لهم بالعهود (١) وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن من فوائد هذا الحديث: «التوصية بالوفاء لأهل الذمة؛ لما في الجزية التي تؤخذ منهم من نفع للمسلمين» (٢) فينبغي الوفاء بالعهد وحض الناس على ذلك؛ لما فيه من طاعة لله ولرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال الله عز وجل: {وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام: ١٥٢] (٣) وهذا يؤكد أهمية الوفاء بالعهود، والمواثيق (٤).

خامسا: من معجزات الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تحقق ما أخبر به: إن من المعجزات الباهرة التي تدل على صدق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما أعطاه الله من دلائل صدق النبوة، ومن ذلك تحقق ما أخبر به من أن أهل الذمة يمتنعون عن أداء الجزية والخراج، وقد وقع ذلك، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ذكره لفوائد هذا الحديث: "وفيه علم من أعلام النبوة" (٥) وهذا فيه تأكيد لصدقه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنه رسول الله حقا (٦).

سادسا: من موضوعات الدعوة: التحذير من الظلم: ظهر من مفهوم الحديث التحذير من ظلم أهل الذمة، والتحذير من نقض العهد المبرم؛ لأن نقض ذلك من كبائر الذنوب وسبب لضعف المسلمين، وزوال هيبتهم، وقلة مواردهم المالية؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فوائد هذا الحديث المتعلقة بظلم أهل الذمة: "وفيه التحذير من ظلمهم، وأنه متى وقع ذلك نقضوا العهد فلم يجتب المسلمون منهم شيئا، فتضيق أحوالهم" (٧) فينبغي للداعية تحذير الناس من ظلم أهل الذمة وغيرهم، والابتعاد عن جميع أنواع الظلم (٨).


(١) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٦/ ٢٨٠، وإرشاد الساري للقسطلاني، ٥/ ٢٤٤، ومنار القاري، لحمزة بن محمد بن قاسم، ٤/ ١٤٠.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٢٨٠.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٥٢.
(٤) انظر: الحديث رقم ٢٨، الدرس الثاني.
(٥) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ١٨٠، وانظر: إرشاد الساري، للقسطلاني، ٥/ ٢٤٤.
(٦) انظر: الحديث رقم ٢١، الدرس الرابع، ورقم ٥٣، الدرس الثالث.
(٧) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٢٨٠، وانظر: إرشاد الساري للقسطلاني، ٥/ ٢٤٤.
(٨) انظر: الحديث رقم ١٣٦، الدرس الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>