للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صلى الله عليه وسلم: «أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل» (١).

والمجاهد ما بلغ الدرجات العلى إلا بفضل الله تعالى ثم بما كتِبَ له من دوام العمل؛ قال الإمام القرطبي رحمه الله: ". . . كل ما يصدر من المجاهد في حالتي: نومه ويقظته، وسكونه وحركته، هو عمل صالح يكتب له ثوابه دائما، بدوام أفعاله، إذ لا يتأتَّى لغيره فيه؛ لأنه على كل حال في الجهاد، وملابس أحواله، وذلك: أن المجاهد إمَّا أن ينال من العدوِّ، أو يغيظه، أو يروِّعه، أو يكثر سواد المسلمين، أو يصيبه نصب، أو مخمصة. وكل ذلك أعمال كثيرة لها أجور عظيمة " (٢) كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ - وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة: ١٢٠ - ١٢١] (٣).

وهذا يبين أهمية دوام العمل الصالح، فعلى الداعية أن يداوم على الأعمال الصالحة، وإن قلت؛ فإن في ذلك الخير الكثير. والله المستعان (٤).


(١) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: البخاري، في كتاب الصوم، باب صوم شعبان، ٢/ ٢٩٨، برقم ١٩٧٠، ومسلم واللفظ له، في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، ٢/ ٨١١، برقم ٧٨٢.
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، ٣/ ٧٠٨، وانظر: عارضة الأحوذي للحافظ ابن العربي، ٤/ ١١٢، ومرقاة المفاتيح، للملاّ علي القاري، ٧/ ٣٥٢.
(٣) سورة التوبة، الآيتان: ١٢٠ - ١٢١.
(٤) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس الخامس عشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>