للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسا: من صفات الداعية: النية الصالحة: النية الصالحة من أعظم الصفات الحميدة، وقد دل عليها هذا الحديث، وذلك في قول سليمان - صلى الله عليه وسلم -: «. . كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله»؛ ولهذا بيَّن الإِمام ابن أبي جمرة - رحمه الله - في فوائد هذا الحديث: أن سليمان - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك: " تقوية رجاءٍ منه وإبلاغ في حسن النية؛ لأنه قد تقرر أن نية المؤمن أبلغ من عمله، فهو ينوي ما استطاع أن يعقد النية عليه، فإن قدر عليه فبها ونعمت، وإن عجز فقد حصل له أمر النية " (١) وإذا فعل المسلم ذلك وخاصة الدعاة إلى الله - عز وجل - صار كثير من الأعمال المباحة والملاذ مستحبا بالنية والقصد الحسن (٢) والله المستعان (٣).

سابعا: من أساليب الدعوة: التوكيد بالقسم: التوكيد بالقسم من الأساليب المهمة التي تقرب المعاني إلى الأذهان، وتثبتها في القلوب، وتحملها على التصديق، وقد ظهر ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: «والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله» وفي قول سليمان - صلى الله عليه وسلم -: «لأطوفن الليلة على مائة امرأة». فينبغي للداعية أن يعتني بهذا الأسلوب في دعوته إلى الله - عز وجل - عند الحاجة إليه (٤).

ثامنا: أهمية تذكير الناسي ولو كان عظيما: ظهر في هذا الحديث تذكير الملك لسليمان حينما لم يقل إن شاء الله بقوله " قل إن شاء الله " وهذا يبين أهمية تذكير الناسي ولو كان عظيما، وقد قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: «إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني» (٥) ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - أفضل الخلق، وأنه معصوم فيما يبلغه عن الله عز وجل.

فينبغي للداعية بل لكل مسلم أن يذكِّر الناسي ولو كان عظيما، لما لذلك من الأهمية البالغة، والفوائد النافعة.


(١) بهجة النفوس لابن أبي جمرة، ٣/ ١٠٦، وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي ٤/ ٦٣٦.
(٢) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٦/ ٤٦١ - ٤٦٢.
(٣) انظر: الحديث رقم ٢٢، الدرس السادس، ورقم ٣٠، الدرس الأول.
(٤) انظر: الحديث رقم ١٠، الدرس: الخامس.
(٥) متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: البخاري، كتاب الصلاة، باب التوجه إلى نحو القبلة حيث كان، ١/ ١٢٠، برقم ٤٠١. ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود، ١/ ٤٠٠، برقم ٥٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>