للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهما. وكثيرا ما يترجم بأمر ظاهره قليل الجدوى لكنه إذا حققه المتأمل أجدى كقوله: " باب قول الرجل ما صلينا " فإنه أشار به إلى الرد على من كره ذلك. وكثيرا ما يترجم بأمر مختص ببعض الوقائع لا يظهر في بادئ الرأي كقوله: " باب استياك الإمام بحضرة رعيته " فإنه لما كان الاستياك قد يظن أنه من أفعال المهنة، فلعل بعض الناس يتوهَّمُ أن إخفاءه أولى مراعاة للمروءة، فلما وقع في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استاك بحضرة الناس، دل على أنه من باب التطيب لا من الباب الآخر. وكثيرا ما يترجم بلفظٍ يومئ إلى معنى حديث لم يصح على شرطه، أو يأتي بالحديث الذي لم يصح على شرطه صريحا في الترجمة، ويورد في الباب ما يؤيد معناه تارة بأمر ظاهر، وتارة بأمر خفي، وربما اكتفى بلفظ الترجمة التي هي لفظ حديث لم يصح على شرطه، وأورد معها أثرا أو آية، فكأنه يقول: لم يصح في الباب شيء على شرطي. وغير ذلك من الفوائد والحكم التي لا تحصى (١) وقد اعتنى بعض العلماء فجمع أربعمائة ترجمة وتكلم عليها كلاما نافعا مفيدا (٢) وزاد بعضهم أكثر من ذلك (٣).


(١) انظر: هدي الساري ص ١٣، ١٤.
(٢) وهو العلامة ناصر الدين أحمد بن المنير خطيب الإسكندرية (٦٢٠ - ٦٨٣) في كتابه: " المتواري على تراجم البخاري ". انظر الكتاب المذكور ص ٣٣ - ٤٣٣.
(٣) وهو القاضي بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة (ت ٧٣٣ هـ) فقد لخص كتاب ابن منير المذكور وزاد على ما فيه أشياء مفيدة، وسماه " تراجم البخاري ". انظر ص ٩٨ - ٢٨٢ من الكتاب المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>