للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم، وحسن الخلق وحسن الجوار: يعمران الديار ويزيدان في الأعمار» (١).

فينبغي للداعية إلى الله عز وجل أن يكون رفيقا في دعوته وفي جميع أموره.

رابعا: من أصناف المدعوين: أهل الصلاح والاستقامة: دل الحديث على أن من أصناف المدعوين أهل الصلاح والاستقامة والتقوى؛ لأن المعصوم من عصمه الله عز وجل؛ ولهذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعله مع الحبشة في المسجد فقال له: " دعهم يا عمر " ويحتمل أن عمر رضي الله عنه لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلم أنه رآهم، أو ظن أنه رآهم واستحيا أن يمنعهم (٢) وهذا أولى؛ لقوله في الحديث " وهم يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال ابن حجر رحمه الله: " وهذا لا يمنع الاحتمال المذكور أولا، ويحتمل أن يكون إنكاره لهذا شبيه إنكاره على المغنيتين، وكان من شدته في الدين ينكر خلاف الأولى والجد في الجملة أولى من اللعب المباح " (٣).

ولا شك ولا ريب أن الداعية العظيم - غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - قد يحتاج إلى التوجيه ممن هو فوقه من الدعاة والعلماء، وقد ينكِر عليه أيضا من هو دونه في العلم فلا حرج في ذلك وينبغي للدعاة أن ينصح بعضهم بعضا، ويقبلوا النصيحة والتوجيه والحق ممن جاء به؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته (٤) ويحوطه من ورائه» (٥) والله عز وجل المستعان (٦).


(١) أخرجه أحمد في المسند، ٦/ ١٥٩، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: " رجاله ثقات " ١٠/ ٤١٥، وصحح إسناده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٥١٩.
(٢) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٦/ ٩٣.
(٣) المرجع السابق، ٦/ ٩٣.
(٤) الضيعة: الحرفة، وكفها جمعها عليه وردّها إليه، ومعنى " يحوطه " أي يحفظه، ويصونه من ورائه، من حيث لا يعلم، وفيما يغيب عنه من أموره، جامع الأصول، لابن الأثير ٦/ ٥٦٣ غريب الحديث رقم ٤٧٩٤.
(٥) أخرجه أبو داود، في كتاب الأدب، باب النصيحة والحياطة، ٤/ ٢٨٠ برقم ٤٩١٨ عن أبي هريرة رضي الله عنه، والبخاري في الأدب المفرد ص ٩٣ برقم ٢٣٩. وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٩٢٦.
(٦) انظر: الحديث رقم ٧١، الدرس السابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>