للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" فتلتمسان مني قضاء غير ذلك؟ فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك "، والمعنى غير قضاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه أن الإِمام إذا قام عنده الدليل صار إليه وقضى بمقتضاه، ولم يحتج إلى أخذه من غيره " (١).

السادس عشر: من أصناف المدعوين: أهل الصلاح والتقوى: ظهر في هذا الحديث أن من أصناف المدعوين أهل الصلاح والاستقامة على طاعة الله عز وجل؛ لأن العصمة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ ولهذا حصل ما حصل بين علي والعباس رضي الله عنهما عن حسن قصد ورغبة في القيام بأداء الأمانة، فحاورهما عمر وأصلح الله به ما بينهما (٢) وهذا يدل على أن من أصناف المدعوين أهل الصلاح والاستقامة (٣).


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٢٠٨.
(٢) ذكر الإمام القرطبي رحمه الله أن منازعة علي والعباس رضي الله عنهما لم تكن في أصل الميراث، ولا طلبا أن يتملكا ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم وإنما قد كانا ترافعا إلى أبي بكر في ذلك فمنعهما أبو بكر مستدلّا بالحديث " لا نورث ما تركنا صدقة "، فلما سمعاه أذعنا، وسكنا، وسلَّما، إلى أن توفي أبو بكر وولي عمر، فجاءاه فسألاه أن يوليهما على النظر فيها، والعمل بأحكامها، وأخذها من وجوهها، وصرفها في مواضعها، فدفعها إليهما على ذلك، وعلى أن لا ينفرد أحدهما عن الآخر بعمل حتى يستشيره ويكون معه فيه، فعملا كذلك إلى أن شق عليهما العمل فيها مجتمعين، فجاءا إلى عمر رضي الله عنه مرة أخرى يطلبان منه أن يقسمها بينهما حتى يستقل كل واحد منهما بالنظر فيما يكون في يديه منها، فأبى عليهما عمر ذلك؛ لئلا يظن ظان أن ذلك قسمة ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، فمنع ذلك حسما للذريعة، ولما ولي عليّ رضي الله عنه الخلافة لم يغيرها عما عمِلَ فيها في عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان، ولم يتعرض لتملكها ولا لقسمة شيء منها، بل كان يصرفها في الوجوه التي كان مَن قبله يصرفها فيها. انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٣/ ٥٦٣.
(٣) انظر: الحديث رقم: ٧٦، الدرس الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>