للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: من أساليب الدعوة: التشبيه: ظهر في هذين الحديثين أسلوب التشبيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كأن وجوههم المجان المطرقة»؛ قال الطيبي رحمه الله: " شبه وجوههم بالترس؛ لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة؛ لغلظها وكثرة لحمها " (١).

وهذا يبين للدعاة إلى الله - عز وجل - أهمية استخدام أسلوب التشبيه عند الحاجة إليه، والله المستعان (٢).

ثالثا: أهمية قصر الأمل في الدنيا والمسارعة إلى ما ينجي من الفتن: دل هذان الحديثان على أن خروج هؤلاء القوم- الذين يلبسون نعال الشعر، وعراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة- علامة على اقتراب الساعة ويوم القيامة، فينبغي لكل مسلم أن يقصر أمله في الدنيا، فلا تكون أكبر همه؛ فإن من مات قامت قيامته وساعته، كما ينبغي المبادرة إلى عمل جميع الأسباب التي تنجي من الفتن، والمسارعة إلى فعل الخيرات وترك المنكرات؛ لأن الفتن المضلة لا تقع إلا لضعف في الإيمان أو قلة في كماله (٣). قال الله عز وجل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: ٤١] (٤) وقال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠] (٥).


(١) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، ١١/ ٣٤٢٣، وانظر: معالم السنن للخطابي، ٦/ ١٦٧، وإكمال إكمال المعلم للأبي ٩/ ٣٦٢.
(٢) انظر: الحديث رقم ١٨، الدرس الرابع، ورقم ١٩، الدرس الخامس.
(٣) انظر: بهجة النفوس، لعبد الله بن أبي جمرة، ٣/ ١٣١.
(٤) سورة الروم، الآية ٤١.
(٥) سورة الشورى، الآية: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>