للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدل ذلك على محبة الصحابة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى عاهدوه على أن لا يفروا ولو وصل بهم الثبات إلى الموت، رضي الله عنهم (١).

ثالثا: من صفات الداعية: الابتعاد عن الفتن وعدم الخروج على الإمام المسلم: دل هذا الحديث على أن من الصفات الحميدة الابتعاد عن الفتن وعدم الخروج على الإمام المسلم، ولو كان فاسقا؛ لأن عبد الله بن زيد رأى عدم المبايعة على الموت في يوم الحرة، وقد امتنع من حضور فتنة الحرة عبد الله بن عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة رضي الله عنهم، وحصل شر عظيم وفتنة باهرة أسأل الله العافية في الدنيا والآخرة لي ولجميع المسلمين، وقتل في يوم الحرة ألف وسبعمائة من وجوه الناس، ومن أخلاط الناس عشرة آلاف، وذكر عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: " قتل يوم الحرة من حملة القرآن سبعمائة "، وهذا مما يؤكد على الناس عدم الخروج على الإمام المسلم، ولو كان فاسقا ظالما؛ لأن الخروج يحصل به شرور كثيرة: من سفك الدماء، وانتهاك الأعراض، وقتل النساء والصبيان، وتدمير الأموال، وإثارة الفتن المتلاطمة (٢) والله المستعان (٣).

رابعا: من وسائل الدعوة: مبايعة إمام المسلمين: دل هذا الحديث على أن البيعة وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله عز وجل؛ لأن المبايع إذا بايع ولي الأمر على أمر من أمور الدعوة والجهاد ثبت على عهده، ولم ينقض ما أبرم من العهد والميثاق؛ ولهذا بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة يوم الحديبية على الموت: أي على أن لا يفروا ولو أدى الثبات إلى الموت، وهذا ما دل عليه قول عبد الله بن زيد - رضي الله عنهما في هذا الحديث (٤).


(١) انظر: الحديث رقم ٦٢، الدرس الثامن، ورقم ٦٣، الدرس الثامن.
(٢) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ٨/ ٢١٧ - ٢٢٤، وعمدة القاري بشرح صحيح البخاري للعيني ١٤/ ٢٢٤.
(٣) انظر: الحديث رقم ٩٥، الدرس الثاني، ورقم ٩٦، الدرس الثاني.
(٤) انظر: الحديث رقم ٩٧، الدرس الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>