للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لبيت الله الحرام أنه دخله من أعلاه؛ لأنه يأتي من قبل وجه الكعبة، أما ما جاء في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كَدَاءٍ، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من كدى " فقال الحافظ ابن حجر رحمه الله عن هذا: " وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة الآتية أن خالدا دخل من أسفل مكة، والنبي صلى الله عليه وسلم من أعلاها " (١) وقد جاءت الأحاديث الكثيرة تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح من أعلاها، فعن عائشة رضي الله عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح من كداء التي بأعلى مكة» (٢).

ومن حرمة مكة ما قاله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «لا هجرة، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا، فإن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه (٣) ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها (٤) "، وقال العباس إلا الإِذخر (٥) فإنه لقينهم (٦) وبيوتهم، فقال: " إلا الإِذخر» (٧).

فينبغي العناية بحرمة مكة وتعظيمها، وتنبيه الناس إلى ذلك وحثهم عليه.


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٨/ ١٠.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أعلى مكة، ٥/ ١١٠ برقم ٤٢٩٠، ومسلم، كتاب الحج، باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها من الثنية السفلى، ٢/ ٩١٨، برقم ١٢٥٨. وانظر: بقية الأحاديث عن ابن عمر، وعروة، وعائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري، كتاب الحج، باب من أين يدخل مكة ٢/ ١٨٨ برقم ١٥٧٥، وباب من أين يخرج من مكة ٢/ ١٨٩، برقم ١٥٧٧ - ١٥٨١، وصحيح مسلم، كتاب الحج، باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها من الثنية السفلى، ٢/ ٩١٨، برقم ٢٥٧ - ١٢٦٠.
(٣) لا يعضد شوكه: لا يقطع. شرح النووي على صحيح مسلم ٩/ ١٣٤.
(٤) الخلاء: هو الكلأ والعشب الرطب. انظر. المرجع السابق ٩/ ١٣٤.
(٥) الإذخر: نبت طيب الرائحة. المرجع السابق ٩/ ١٣٤.
(٦) قينهم: الحداد والصانع، يحتاج إليه في وقود النار. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ٩/ ١٣٦.
(٧) متفق عليه: البخاري، كتاب جزاء الصيد، باب لا يحل القتال بمكة، ٢/ ٢٦٠، برقم ١٨٣٣، ومسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام، ٢/ ٩٨٦، برقم ١٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>