للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمروا بالوصية ولم يوصِ " يعني النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أسوة كل مسلم، فقال عبد الله: " أوصى بكتاب الله "، وهذا يبين للداعية أنه يجب على جميع الدعاة إلى الله تعالى أن يكونوا قدوة صالحة للمدعوين، ولا يكون الداعية ناجحا إلا أن يعمل بدعوته، ولا يكون ممن يدعو إلى شيء ثم يتركه، أو ينهى عنه ثم يرتكبه، وهذا حال الخاسرين نعوذ بالله من ذلك؛ ولهذا قال الله تعالى محذرا عن ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢ - ٣] (١)؛ قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " علماء السوء جلسوا على أبواب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم، ويدعونهم إلى النار بأفعالهم، فلما قالت أقوالهم للناس: هلموا، قالت أفعالهم: لا تسمعوا منهم، فلو كان ما يدعون إليه حقا، كانوا أول المستجيبين له، فهم في الصورة أدلاء، وفي الحقيقة قطاع طريق " (٢) فعلى الداعية المسلم أن يكون قدوة للناس بقوله وفعله (٣) والله المستعان.

رابعا: من صفات الداعية: الحرص على الدقة في نقل الحديث: من الصفات الحميدة حرص السلف الصالح على الدقة في نقل الحديث؛ ولهذا قال بعض رواة هذا الحديث: " كيف كتِبَ على الناس الوصية أو أمروا بالوصية قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " شك من الراوي هل قال: كيف كتب على المسلمين الوصية أو قال: كيف أمروا بها " (٤).

وهذا يدل الدعاة إلى الله تعالى ويرشدهم إلى التحري والدقة في نقل الأخبار والأحاديث وتبليغها للناس كما جاءت، حتى لا يقع الداعية في الكذب أو الافتراء وهو لا يشعر (٥).

* * * *


(١) سورة الصف، الآيتان: ٢ - ٣.
(٢) الفوائد، لابن القيم، ص ١١٢.
(٣) انظر: مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز ١/ ٣٥٠، ٢/ ٣٤٣، ٣/ ١١٠.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، ٥/ ٣٦٠.
(٥) انظر بهجة النفوس، لابن أبي جمرة ١/ ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>