للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره ولا خروج لها عنه، والله يتصرف فيها كيف يشاء إن شاء أبقى سببيتها جارية على مقتضى حكمته؛ ليقوم بها العباد ويعرفوا بذلك مقتضى حكمته حيث ربط المسببات بأسبابها والمعلولات بعللها، وإن شاء غيرها كيف شاء، لئلا يعتمد عليها العباد؛ وليعلموا كمال قدرته.

إذا علم ذلك فمن علق شيئًا أو لبس حلقة أو خيط أو نحو ذلك، قاصدًا بها رفع البلاء بعد نزوله أو دفعه قبل نزوله فقد أشرك شركًا أكبر إذا اعتقد أنها هي الدافعة الرافعة للبلاء. أما إذا اعتقد أن الله هو الدافع الرافع وحده ولكن اعتقدها سببا، يستدفع بها البلاء فقد جعل ما ليس سببا شرعيًا سببا وهذا كذب على الشرع والقدر: فأما الكذب على الشرع؛ فلأن الشرع نهى عن ذلك أشد النهي وما نهى عنه فليس من الأسباب النافعة، وأما القدر؛ فلأن هذا ليس من الأسباب المعهودة ولا غير المعهودة التي يحصل بها المقصود ولا من الأدوية المباحة النافعة، وهو من جملة وسائل الشرك؛ لأن قلبه لا بد أن يتعلق بها، وذلك نوع شرك ووسيلة إليه (١) وهذا كله يؤكد تعليم الناس التوحيد وتحذيرهم من الشرك ووسائله.


(١) انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد، حاشية على كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب، للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي ص ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>