للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: "اغزوا بسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال. . . " ثم بين هذه الخصال: الإسلام والهجرة، أو الإسلام دون الهجرة ويكونون كأعراب المسلمين، فإن أبوا الإسلام دعاهم إلى بذل الجزية، فإن امتنعوا عن ذلك استعان بالله وقاتلهم» (١).

وهذا يؤكد على أن الهدف من الجهاد هو إعلاء كلمة الله عَزَّ وجَلَّ (٢).

ثانيا: من صفات الداعية: مراعاة أحوال المدعوين: ظهر في هذا الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يراعي أحوال المدعوين؛ ولهذا أنكر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتل النساء والصبيان في الجهاد، ونهى عن ذلك؛ لأن هؤلاء ليسوا من أهل القتال، وهم من جملة غنائم المسلمين (٣) ولكن إذا شاركوا في القتال أو اختلطوا بالمقاتلين الكفار قتلوا معهم، قال الله عَزَّ وجَلَّ: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: ١٩٠] (٤).

فقتال المجاهدين يكون لمن نصب الحرب للمسلمين أو أعان على ذلك معهم (٥) وهذا يؤكد على أهمية مراعاة أحوال المدعوين (٦).

ثالثًا: من صفات الداعية: الرحمة: لا شك أن من الصفات الحميدة التي ينبغي للداعية أن يتصف بها الرحمة؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن قتل النساء والصبيان رحمة بهم، وأنكر قتل هؤلاء (٧).


(١) صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها، ٣/ ١٣٥٦، برقم ١٧٣١.
(٢) انظر: الاستذكار لابن عبد البر، ١٤/ ٥٤ - ٨٢، والمنهل العذب الفرات، لعبد العال أحمد ٣/ ٢٤٣.
(٣) انظر: الإفصاح عن معاني الصحاح للوزير ابن هبيرة ٤/ ١٩٦، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي ٣/ ٥٢٧.
(٤) سورة البقرة، الآية: ١٩٠.
(٥) انظر: الاستذكار لابن عبد البر، ١٤/ ٦٣.
(٦) انظر: الحديث رقم ١٩، الدرس الثالث.
(٧) انظر: الحديث رقم ٥، الدرس الأول، ورقم ١٥، الدرس الأول، ورقم ٥٠، الدرس الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>