للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطعام على يديه، وقد ظهرت هذه المعجزة في هذا الحديث، وذلك أن عناق جابر وصاع الشعير أشبع أمة من الناس وبقي الطعام كما هو لم ينقص منه شيء، قال جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وهم ألف فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو " قال الإمام النووي رحمه الله: " وقد تضمن هذا الحديث علمين من أعلام النبوة: أحدهما تكثير الطعام القليل، والثاني علمه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - بأن هذا الطعام القليل الذي يكفي في العادة خمسة أنفس أو نحوهم سيكثر فيكفي ألفا وزيادة، فدعا له ألفا قبل أن يصل إليه، وقد علم أنه صاع شعير، وبهيمة والله أعلم " (١).

وهذا يؤكد أهمية إبلاغ الداعية للناس بعلامات نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (٢).

الثالث عشر: أهمية الأخذ بالأسباب: ظهر في هذا الحديث أهمية الأخذ بالأسباب والتوكل على الله - عز وجل؛ ولهذا حفر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - الخندق من باب الأخذ بالأسباب وقد علم أن الأحزاب تكالبوا عليه من كل حدب وصوب ولكن لثقته العظيمة وتوكله الكامل على الله - عز وجل - صمد لذلك وحفر الخندق على ضعف الصحابة وقلة ما في اليد؛ ولضعفهم البدني حُدَّدَ لكل عشرة رجال عشرة أذرع (٣) فأخذ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - بالأسباب هو وأصحابه مع التوكل الكامل فنصرهم الله وأنزل جنوده، وريحه، وإعانته ونصره سبحانه - عز وجل (٤).


(١) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٤/ ٢٣١.
(٢) انظر: الحديث رقم ٢١، الدرس الرابع.
(٣) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٧/ ٣٩٧.
(٤) انظر: الحديث رقم ٣٠، الدرس الخامس، ورقم ١٣٢، الدرس التاسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>