للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحج أو العمرة، أو الجهاد، أو الدعوة، أو غيرها من سفر الطاعة؛ قال عبد الله ابن الزبير لعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم: «أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا، وأنت، وابن عباس» وقال السائب رضي الله عنه: «ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع»؛ قال الإمام النووي رحمه الله: "هذه سنة مستحبة أن يتلقى الصبيان المسافر، وأن يركبهم، وأن يردفهم، ويلاطفهم، والله أعلم" (١) وقال ابن العربي رحمه الله: "قيل: إذا سافر الرجل ودع إخوانه في منازلهم، وإذا جاء تلقوه، والتشييع سنة" (٢) وقال العلامة العيني رحمه الله: "وفيه من الفوائد أن التلقي للمسافرين والقادمين من الحج والجهاد، بالبشر والسرور: أمر معروف ووجه من وجوه البر" (٣) ولفظ الحديث في سنن أبي داود يدل على أن الناس تلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجال والصبيان، قال السائب رضي الله عنه: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك تلقاه الناس، فلقيته مع الصبيان على ثنية الوداع» (٤).

خامسا: من أصناف المدعوين: الصبيان: دل هذان الحديثان على أن الصبيان من أصناف المدعوين؛ ولهذا اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بإكرامهم، والإحسان إليهم، وملاطفتهم، وإدخال السرور عليهم، وتعليمهم مكارم الأخلاق (٥)؛ قال الإمام الخطابي رحمه الله في ذكره لفوائد حديث عبد الله بن السائب: "فيه تمرين الصبيان على مكارم الأخلاق، واستجلاب الدعاء لهم" (٦) فينبغي العناية بالأطفال والإحسان إليهم ومراعاة أحوالهم في دعوتهم إلى الله بالقدوة الحسنة والعطف عليهم وإدخال السرور في قلوبهم (٧).


(١) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٥/ ٢٠٧.
(٢) عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي، ٤/ ١٧٥.
(٣) عمدة القاري، شرح صحيح البخاري، ١٥/ ١٣ وهذا الكلام الذي ذكره العيني منسوب للمهلب، كما قال الخطابي في معالم السنن، ٤/ ٨٨.
(٤) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في التلقي، ٣/ ٩٠ برقم ٢٧٧٩، وأصله تقدم تخريجه في حديث الباب، ص ٨٤١.
(٥) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٥/ ٢٠٧، وعمدة القاري للعيني ١٥/ ١٣.
(٦) معالم السنن، ٤/ ٨٧، وانظر: فتح الباري لابن حجر، ٣/ ٦١٩، ١٠/ ٣٩٥.
(٧) انظر: الحديث رقم ١٤٢، الدرس الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>