للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضوعات التي ينبغي أن يحض الناس عليها؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي»، وقد ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «نادى رجل رجلا بالبقيع: يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لم أعنك، إنما دعوت فلانا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي» (١).

* قال الإمام القرطبي رحمه الله عن هذا الحديث: "صدر هذا القول عن النبي صلى الله عليه وسلم مرات، فعلى حديث أنس إنما قاله حين نادى رجل: يا أبا القاسم، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل لم أعنك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك القول، وهذه حالة تنافي الاحترام، والتعزير المأمور به، فلما كانت الكناية بأبي القاسم تؤدي إلى ذلك نهى عنها" (٢).

، وقد أمر الله عزّ وجلّ بالتزام الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واحترامه وتوقيره فقال: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: ٩] (٣).

، وقال عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: ١] (٤).

، وقال عزّ وجلّ: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] (٥).

، وحرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوقيره، لازم كحال حياته، وذلك عند ذكر حديثه، وسنته، وسماع اسمه، وسيرته، وتعلم سنته، والدعوة إليها ونصرتها (٦).

* ولاشك أنه ينبغي للداعية أن يحض الناس على التزام الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإيمان الصادق به وبما جاء به، وطاعته، واتباعه واتخاذه قدوة في جميع الأحوال إلا ما كان خاصا به، ومحبته أكثر من النفس، والأهل والولد، والوالد، والناس أجمعين، والصلاة عليه عند ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم، ووجوب التحاكم إليه والرضى بحكمه، وإنزاله مكانته التي أنزله الله إياها صلى الله عليه وسلم (٧).

، وقد كان النهي عن الجمع بين اسمه وكنيته في


(١) مسلم، كتاب الأدب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم، وبيان ما يستحب من الأسماء ٣/ ١٦٨٢، برقم ٢١٣١.
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٥/ ٤٥٦.
(٣) سورة الفتح، الآية: ٩.
(٤) سورة الحجرات، الآية: ١.
(٥) سورة النور، الآية: ٦٣.
(٦) انظر: الشفاء بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض، ٢/ ٥٩٥، ٦١٢.
(٧) انظر: المرجع السابق ٢/ ٥٣٧ - ١١٠٦، وجلاء الأفهام في الصلاة والسلام على محمد خير الأنام، لابن القيم، ص ٢٩ - ٤٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>