للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسا: من صفات الداعية: العفة وقوة النفس: مما يدل على قوة النفس وعفتها ما فعله عبد الله بن الزبير رضي الله عنه مع حكيم ابن حزام وعبد الله بن جعفر؛ فإن حكيم بن حزام رضي الله عنه طلب عبد الله بن الزبير أن يعينه على قضاء دين الزبير فامتنع ابن الزبير من ذلك، وسأله عبد الله بن جعفر رضي الله عنه أن يضع الدين عن الزبير - وكان أربعمائة ألف - فامتنع عبد الله بن الزبير عن ذلك، وهذا يدل على عفة عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وقوة نفسه، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وفيه قوة نفس عبد الله بن الزبير لعدم قبوله ما سأله حكيم بن حزام من المعاونة، وما سأله عبد الله بن جعفر من المحاللة" (١).

سابعا: أهمية النية الصالحة: إن النية الصالحة من الصفات العظيمة التي يفوز صاحبها بسعادة الدنيا والآخرة، وهي من أسباب البركة، ومما يدل على ذلك ما وقع في هذا الحديث في قصة دين الزبير بن العوام، وأن دينه بلغ ألفي ألف ومائتي ألف، ولم يكن له في الظاهر من المال إلا الغابة اشتراها بمائة وسبعين ألفا، ثم باعها ابنه عبد الله بأموال طائلة عظيمة فاجتمعت تركته فكان جميع المال خمسين ألف ألف ومائتى ألف: [أي خمسين مليونا ومائتي ألف] قضى منها الدين وأخرجت الوصية ووزّع الباقي على الورثة، وهذا يدل على أن الله عزّ وجلّ بارك في مال الزبير؛ لنيته الصالحة رضي الله عنه. وسمعت سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول في فوائد هذا الحديث إنه: "بركة من الله؛ لحسن النية، فبارك الله له، وهذا من ثمرات النية الصالحة" (٢) وهذا يؤكد أهمية النية الصالحة وأثرها وثمراتها، والله المستعان. (٣).


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٢٣٥.
(٢) سمعته من سماحته أثناء شرح الحديث رقم ٣١٢٩، من صحيح البخاري. [ثم بكى سماحة الشيخ حفظه الله].
(٣) انظر: الحديث رقم ١٢٢، الدرس السادس.

<<  <  ج: ص:  >  >>