للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعا: من أساليب الدعوة الترهيب: لترهيب من أساليب الدعوة التي ينبغي للداعية العناية بها في دعوته، وقد ظهر هذا الأسلوب في مفهوم هذا الحديث؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أطلق على أسارى بدر الكفار "نتنى" أي نجس، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] الآية، (١) وهذا فيه تنفير من الكفر وأهله وأنهم نجس (٢).

خامسا: من تاريخ الدعوة: تحديد وفاة البدريين وأهل الحديبية: ظهر من مفهوم هذا الحديث تحديد آخر من مات من أهل بدر وآخر من مات من أهل الحديبية؛ لقول سعيد بن المسيب رحمه الله: "وقعت الفتنة الأولى فلم تُبْقِ من أصحاب بدر أحدا، ثم وقعت الفتنة الثانية فلم تبقِ من أصحاب الحديبية أحدا، ثم وقعت الفتنة الثالثة فلم ترتفع وللناس طَبَاخ". فالفتنة الأولى، هي مقتل عثمان بن عفان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في يوم الجمعة الثامن من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، والمقصود والله أعلم أن الفتنة الأولى كانت سببا لموت البدريين فماتوا منذ الفتنة الأولى إلى بداية الفتنة الثانية وهي فتنة الحرة في سنة ثلاث وستين للهجرة النبوية، وكان آخر من مات من البدريين سعد بن أبي وقاص، مات قبل فتنة الحرة ببضع سنين، ثم مات أهل الحديبية ابتداء من الفتنة الثانية. والثالثة من هذه الفتن رجح الحافظ ابن حجر رحمه الله، والعلامة العيني أنها فتنة يوم خروج أبي حمزة الخارجي في خلافة مروان بن محمد بن الحكم سنة مائة وثلاثين للهجرة، قبل موت يحيى بن سعيد بمدة (٣).


(١) سورة التوبة، الآية: ٢٨.
(٢) انظر: الحديث رقم ٧، الدرس الثالث عشر، ورقم ١٢، الدرس الثاني.
(٣) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٧/ ٣٢٥، ١٣/ ٧١، وعمدة القاري للعيني، ١٧/ ١١٩ - ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>