للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيضاحَ الأحكام عند الحاجة إليها، فقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ (١٨٧)} [آل عمران: ١٨٧] (١).

فوجب علينا حينئذٍ بيانه، وحَرُمَ علينا السكوتُ؛ قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١)} [التوبة: ٩١] (٢).

وذُكِرَ في الجواب أنَّ الجهادَ ليسَ مختصّاً بالأجنادِ، وهذا أمرٌ لم نَدَّعِهِ، ولكنَّ الجهادَ فرضُ كفايةٍ، فإذا قَرَّرَ السُّلطانُ له أجناداً مَخْصوصينَ، ولهم أخباز (٣) معلومةٌ مِن بيت المال؛ كما هو الواقع؛ تفرَّغَ باقي الرعية لمصالحهم ومصالح السلطان والأجناد وغيرهم؛ من الزراعة، والصَّنائِع، وغيرهم (٤)، الذي يحتاجُ الناسُ كلُّهم إليها، فجهادُ الأجنادِ مُقابِل الأخبازِ المقرَّرةِ لهم، ولا يَحِلُّ أنْ يؤخَذَ مِن الرَّعيَّةِ شيءٌ ما دامَ في بيتِ المالِ شيءٌ؛ مِن نَقْدِ، أو متاع، أو أرضِ، [٢٦] أو ضياعٍ / تباع، أو غير ذلك.

وهؤلاء علماء المسلمينَ في بلاد السلطان -أعزَّ الله أنصاره- مُتَّفِقون على هذا، وبيت المال -بحَمْدِ الله- معمورٌ، زادَهُ الله عمارةً وسَعَةً وخيراً وبركةً في حياة السلطانِ المقرونةِ بكمالِ السعادةِ له،


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٨٧.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٩١.
(٣) (الأخباز): واحدها: الخُبزَة، أي: النَّصيب.
وهي الرواتب والجرايات التي تعطى شهريّاً، أو تبعاً للمواسم الزراعية، أو عند الحملات الحربية.
(٤) كذا في الأصل، والصواب: "وغيرها".

<<  <   >  >>