للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالما أنه ليس هناك رسول جديد، ولا رسالة جديدة، لتعديل شيءٍ ما في هذا المرجع الأخير!

لقد كمل هذا الدين، وتمت به نعمة الله على المسلمين، ورَضِيَهُ الله لهم منهج حياه للناس أجمعين، ولم يعد هنالك من سبيل لتعديل شيء فيه أو تبديله، ولا لترك شيء من حكمه إلى حكم آخر، ولا شيء من شريعته إلى شريعة أخرى.

وقد علم الله حين رضيه للناس، أنه يسع الناس جميعًا، وعلم الله حين رضيه مرجعًا أخيرًا أنه يحقق الخير للناس جميعًا، وأنه يسع حياة الناس جميعًا، إلى يوم الدين.

وأي تعديل في هذا المنهج - ودَعْكَ مِن العدول عنه - هو إنكار لهذا المعلوم من الدين بالضرورة، يُخْرِجُ صاحبه من هذا الدين، ولو قال باللسان ألف مرة: إنه من المسلمين!

وقد علم الله أن معاذير كثيرة يمكن أن تقوم وأن يبرر بها العدول عن شيء مما أنزل الله واتباع أهواء المحكومين المتحاكمين، وأن هواجس قد تتسرب في ضرورة الحكم بما أنزل الله كله بلا عدول عن شيء فيه، في بعض الملابسات والظروف، فحَذّر الله نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذه الآيات مرتين من اتباع أهواء المتحاكمين، ومن فتنتهم له عن بعض ما أنزل الله إليه.

وأولى هذه الهواجس: الرغبة البشرية الخفية في تأليف القلوب بين الطوائف المتعددة، والاتجاهات والعقائد المتجمعة في بلد واحد، ومسايرة بعض رغباتهم عند ما تصطدم ببعض أحكام الشريعة، والميل إلى التساهل في الأمور الطفيفة، أو التي يبدو أنها ليست من أساسيات الشريعة!

وقد شاء الله - سبحانه وتعالى - أن يحسم في هذا الأمر، وأن يقطع الطريق على الرغبة البشرية الخفية في التساهل مراعاة للاعتبارات والظروف، وتأليفًا للقلوب حين تختلف الرغبات والأهواء فقال لنبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>