للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} شيئًا مما عندي، من الدنيا {وَأُسَرِّحْكُنَّ} أي: أفارقكن {سَرَاحًا جَمِيلًا} من دون مغاضبة ولا مشاتمة، بل بسعة صدر، وانشراح بال، قبل أن تبلغ الحال إلى ما لا ينبغي.

{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ} أي: هذه الأشياء مرادُكُنَّ، وغاية مقصودِكُنَّ، وإذا حصل لَكُنَّ الله ورسوله والجنة، لم تُبالِينَ بسعة الدنيا وضيقها، ويُسرِها وعسرها، وقنعْتُنَّ من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بما تيسر، ولم تطلُبْنَ منه - صلى الله عليه وآله وسلم - ما يشق عليه، {فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} رتب الأجر على وصفهن بالإحسان؛ لأنه السببُ الموجِبُ لذلك، لا لكَوْنِهِنَّ زوجاتٍ للرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فإن مجرد ذلك لا يكفي، بل لا يفيد شيئًا، مع عدم الإحسان، فخيَّرهن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في ذلك فاخْتَرْن اللهَ ورسوله، والدار الآخرة، كلُهُنّ، ولم يتخلف منهن واحدة، - رضي الله عنهن -.

وفي هذا التخيير فوائد عديدة:

منها: سلامة زوجاته - رضي الله عنهن - عن الإثم، والتعرض لسخط الله ورسوله. فحسم اللهُ بهذا التخيير عنهن، التسخط على الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، الموجب لسخطه، المسخط لربه، الموجب لعقابه.

ومنها: إظهار رِفْعَتِهِنَّ، وعلو درجَتَهِنَّ، وبيان عُلُوِّ هِمَمِهِنَّ، أن كان اللهُ ورسوله والدار الآخرة، مرادَهُنَّ ومقصودَهُنَّ، دون الدنيا وحطامها.

ومنها: استعدادُهُنَّ بهذا الاختيار، للأمر الخيار للوصول إلى خيار درجات الجنة، وأن يَكُنَّ زوجاته في الدنيا والآخرة.

ومنها: ظهور المناسبة بينه - صلى الله عليه وآله وسلم - وبينهن، فإنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أكمل الخلق، وأراد اللهُ - عز وجل - أن تكون نساؤه كاملاتٍ مُكَمَّلَاتٍ، طيباتٍ مُطَيَّبَاتٍ {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>