للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كلامه هذا إساءة إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - قال عن قصته - صلى الله عليه وآله وسلم - مع ابن أم مكتوم سدد خطاكم: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢)} (عبس: ١ – ٢ (، فلما صلى الخطيب بالناس قام الشيخ محمد شاكر والد الشيخ أحمد شاكر O ، بعد الصلاة يعلن الناس في المسجد أن صلاتهم باطلة , وأمرهم أن يعيدوا صلاة الظهر , فأعادوها، ذلك بأن الخطيب كَفَرَ بما شتم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تعريضًا لا تصريحًا.

فالله سبحانه عتب على رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - حين جاءه ابنُ أم مكتوم الأعمى , وهو يحدث صناديد قريش يدعوهم إلى الإسلام , فأعرض عن الأعمى قليلًا حتى يفرغ من حديثه , فأنزل الله عتاب رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في سورة كريمة، ثمّ جاء هذا الخطيب الأحمق الجاهل , يريد أن يتملق الأمير، فمدحه بما يوهم السامع أنه يريد إظهار منقبة لعظمته , بالقياس إلى ما عاتب الله عليه رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فكان صنع الخطيب المسكين تعريضًا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يرضى به مسلم.

يعلق الشيخ أحمد شاكر قائلًا: «ولم يَدَع الله لهذا المجرم جُرْمه في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى، فأقسمُ بالله لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين، وبعد أن كان عاليًا منتفخًا، مستعزًا بمَن لاذ بهم من العظماء والكبراء، رأيْتُه مهينًا ذليلًا، خادمًا على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار، حتى لقد خجلت أن يراني، وأنا أعرفه وهو يعرفني، لا شفقة عليه؛ فما كان موضعًا للشفقة، ولا شماتة فيه؛ فالرجل النبيل يسمو على الشماتة، ولكن لما رأيت من عبرة وعظة».

٨ - ذكره الشيخ محمد صالح المنجد أن أحدهم ذهب لنيل شهادة الدكتوراه خارج بلده، فلما أتم دراسته وكانت تتعلق بسيرة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، طلب منه أستاذه النصرانى أن يسجل في رسالته ما فيه انتقاص للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وتعريض له، فتردد الرجل بين القبول والرفض، واختار في نهاية الأمر دنياه على آخرته، وأجابه إلى ما أراد طمعًا في تلك الشهادة، فما أن عاد إلى بلده حتى فوجئ بهلاك جميع أولاده وأهله في حادث مروع، ولعذاب الآخرة أشد وأنكى.

<<  <  ج: ص:  >  >>