للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - الحذر من إقحام الآيات في مجال المخترعات الحديثة أو الصناعات والوسائل العلمية المستجدة ما لم يكن ذلك نصًّا أو معنًى راجحًا مرْضِيًّا من العلماء الأخيار، فإن ولوج ذلك الباب لا يخلو من التكلف والتعسف في لَيِّ النصوص وتحميلها ما لا تحتمل من المعاني، وهذا باب يستهوي كثيرًا من الخطباء رغبةً في التميز، وإعجاب الناس بسعة علمه، وثقافته، ودقة نظره، واستنباطه للطائف المعرفة، وهو أمر محفوف بالمخاطر، ربما فتح الباب للتأويلات الفاسدة، والتجرؤ على الخوض في أمور من العلم لا يحسنها.

٥ - الحذر أيضًا من التكلف في تطويع الآيات للمناسبات المختلفة سواء أكانت مناسبات عامة أو خاصة.

ترتيل الآيات في الخطبة:

قال البعض بمشروعية ذلك واستدلوا بعموم قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا} (المزمل:٤) وبعموم قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» (رواه البخاري).

وقال الشيخ بكر أبو زيد ـ عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية سابقًا ـ - رحمه الله -: «مما أحدث الوعاظ، وبعض الخطباء في عصرنا، مغايرة الصوت عند تلاوة الآيات من القرآن لنسق صوته في الوعظ أو الخطابة وهذا لم يُعرف عن السالفين، ولا الأئمة المتبوعين، ولا تجده لدى أجلاء العلماء في عصرنا، بل يتنكبونه، وكثير من السامعين لا يرتضونه، والأمزجة مختلفة ولا عبرة بالفاسد منها، كما أنه لا عبرة بالمخالف لطريقة صدر هذه الأمة وسلفها» (١).

قال الشيخ سعود الشريم: «بعض الخطباء حين استشهادهم في خطبهم ببعض الآيات، يقومون بترتيلها ولو كانت آيتين، فأقل بل إن بعضهم لا يكاد بمر بآية! إلا ويرتلها، ومحط السؤال هنا هو أنني لم أجد حسب بحثي القاصر ما يدل على هذا من سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بل إنني وجدت أحاديث كثيرة يستشهد فيها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بآية من القرآن


(١) بدع القُرَّاء القديمة والمعاصرة، ص٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>