للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا».

وسُئِلَ الإمام أحمد عن رجلٍ اكتسب مالًا من شبهةٍ: صلاتُه وتسبيحُهُ يَحُطُّ عنه شيئًا من ذلك؟ فقالَ: إنْ صلَّى وسبَّح يريد به ذَلِكَ، فأرجو، قالَ الله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} (التوبة:١٠٢).

• هل تُكفّرُ الأعمالُ الصالحةُ الكبائرَ والصغائرَ أم لا تكفر سوى الصغائر؟

لا تُكفر سوى الصغائر، وأما الكبائر، فلابدَّ لها من التوبة؛ لأنَّ الله أمر العباد بالتوبة، وجعل من لم يتب ظالمًا؛ قال - عز وجل -: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات:١١) واتفقت الأمةُ على أنَّ التوبة فرض، والفرائضُ لا تُؤدى إلا بنيةٍ وقصدٍ، ولو كانت الكبائرُ تقع مكفرةً بالوضوء والصلاة، وأداء بقية أركان الإسلام، لم يُحْتَجْ إلى التوبة، وهذا باطلٌ بالإجماع.

وأيضا فلو كُفِّرَت الكبائرُ بفعل الفرائض لم يبق لأحدٍ ذنبٌ يدخل به النار إذا أتى بالفرائض، وهذا يشبه قولَ المرجئة وهو باطل، هذا ما ذكره ابن عبد البرِّ في كتابه (التمهيد) وحكى إجماع المسلمين على ذلك، واستدلَّ عليه بأحاديث:

منها: قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» (رواه البخاري ومسلم).

وهذا يدلُّ على أنَّ الكبائرَ لا تكفرها هذه الفرائضُ.

وعن عثمان - رضي الله عنه -، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» (رواه مسلم).

وقال سلمان: «حافظوا على هذه الصلوات الخمس، فإنَّهنَّ كفَّارات لهذه الجراح ما لم تُصب المقتلة».

<<  <  ج: ص:  >  >>