للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديث: أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته ولا يعاب عليه.

ويحتمل أن يكون سبب خروج عليٍّ - رضي الله عنه - خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة - رضي الله عنها -، فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما.

وفيه كرم خلق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأنه توجه نحو عليٍّ سدد خطاكم ليترضاه ومسح التراب عن ظهره ليبسطه وداعبه بالكنية المذكورة المأخوذة من حالته ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته مع رفيع منزلتها عنده - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ فيؤخذ منه استحباب الرفق بالأصهار وترك معاتبتهم إبقاء لمودتهم لأن العتاب إنما يخشى ممن يخشى منه الحقد لا ممن هو منزه عن ذلك.

• التحكيم بين الزوجين من أجل الإصلاح:

والصلح بين الزوجين المتخاصمين من أعظم أنواع الصلح؛ فإن الأسر تقوم على المحبة والألفة وتدوم بدوامها، فإذا انتهت المحبة والألفة وحل الشقاق، صار الفراق، ولابد للمصلحين من القيام بواجبهم تجاه الأسر المتفككة والسعي في الإصلاح بين الأزواج.

وقد قال الله - عز وجل - عند حصول الشقاق: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} (النساء:٣٥).إذا كانت النية طيبة جاءت النتيجة طيبة: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} (النساء:٣٥).

فماذا يفعل الحكمان؟ يقوم كل واحدٍ منهما بالالتقاء بوكيله أو مندوبه الذي انتدبه، أو طرفه الذي ينوب عنه ـ وإذا قلنا: إنه حاكم، فإن كلام الحكمين معتمد ـ ويسمع منه سبب الشقاق والخلاف، ثم يجتمع الحكمان فيعتمدان أمورًا، ويتوصلان إلى صاحب الخطأ، من هو الطرف المخطئ لأجل وعظه ونصحه، أو وعظ الطرفين إذا كان كلاهما مخطئ، والسعي في تقريب وجهات النظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>