للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٠ - عَظيمٌٍ ولَكِنّه يَسيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ الله عليه

عَنْ مُعاذٍ - رضي الله عنه - قال: قُلتُ: يا رَسولَ الله أَخبِرني بِعَمَلٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ ويُباعِدُني مِنَ النَّارِ، قال: «لقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ وإنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وتَصُومُ رَمضَانَ، وتَحُجُّ البَيْتَ».

ثمَّ قَالَ: «ألا أَدُلُّكَ على أبوابِ الخير؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَما يُطْفِئُ الْمَاءُ النارَ، وصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ تَلَا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} حتَّى بَلَغَ: {يَعْمَلُوْنَ} (السجدة:١٦ - ١٧).

ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُ برَأْسِ الأمْرِ وعَمودِهِ وذِرْوَةِ سِنَامِهِ؟» قُلتُ: بَلَى يا رَسولَ الله، قال: «رَأسُ الْأمْرِ الإسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وذِرْوَةُ سَنامِهِ الْجِهَادُ» تحية طيبة وبعد

ثم قال: «ألَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟»، قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، قال: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا» تحية طيبة وبعد

قُلْتُُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِما نَتَكَلَّمُ بهِ؟ فقالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ». (صَحيحٌ رواهُ الترمذيُّ).

• حرص معاذٍ - رضي الله عنه - على الأعمال الصَّالحة:

قول معاذ - رضي الله عنه -: «أَخبِرني بِعَمَلٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ ويُباعِدُني مِنَ النَّارِ» يدلُّ على شدَّةِ اهتمامِ معاذٍ - رضي الله عنه - بالأعمال الصَّالحة، وفيه دليلٌ على أنَّ الأعمالَ سببٌ لدخول الجنَّة، كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (الزخرف:٧٢). وأما قولُه - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَنْ يَدْخُلَ أحَدٌ مِنْكُمُ الجَنَّةَ بِعَمَلِه» (رواه البخاري ومسلم) فالمراد ـ والله أعلم ـ أنَّ العملَ بنفسه لا يستحقُّ به أحدٌ الجنَّة لولا أنَّ الله جعله ـ بفضله ورحمته ـ سببًا لذلك، والعملُ نفسُه من رحمة الله وفضله على عبده، فالجنَّةُ وأسبابُها كلٌّ من فضل الله ورحمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>