للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالمَعْرُوفِ، والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ، وتُميطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وتُسْمِعُ الأصَمَّ، وتَهْدِي الأعْمَى، وتَدُلُّ المُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ، وتَسْعَى بِشِدَّة سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وتَحْمِلُ بِشِدَّة ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعَيفِ، فَهَذَا كُلُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ». (صحيح).

السلامى: جمع سلامية، وهي الأنملة من أنامل الأصابع، وقيل: واحده وجمعه سواء، ويجمع على سلاميات: وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان، وقيل: السلامى كل عظم مجوف من صغار العظام، ومعنى الحديث: على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة.

ومعنى الحديث: أنَّ تركيب هذه العظام وسلامتها مِن أعظم نِعَمِ الله على عبده، فيحتاج كلُّ عظم منها إلى صدقة يتصدق ابنُ آدم عنه، ليكونَ ذلك شكرًا لهذه النعمة. قال الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} (الانفطار:٦ - ٨)، وقال - عز وجل -: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} (الملك:٢٣)، وقال:

{وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل:٧٨)، وقال: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} (البلد:٨ - ٩).

قال مجاهد: هذه نِعَمٌ من الله متظاهرةٌ يقرِّرُكَ بها كَيْمَا تَشكُر.

وقرأ الفُضيلُ ليلةً هذه الآية، فبكى، فسئل عن بكائِهِ، فقال: هل بِتَّ ليلةً شاكرًا للهِ أنْ جعل لك عينين تُبصر بهما؟ هل بِتَّ ليلةً شاكرًا لله أنْ جعل لك لسانًا تنطق به؟ وجعل يعدِّد من هذا الضَرْب. (الضرب: النوع).

وعن أبي الدرداء أنَّه كان يقول: الصِّحَّةُ غِنى الجسد.

وعن يونس بن عبيد: أنَّ رجلًا شكا إليه ضِيقَ حاله، فقال له يونس: «أيسُرُّك أنَّ لك ببصرك هذا الذي تُبصِرُ به مئة ألف درهم؟»، قال الرجل: لا، قال: «فبيدك مئة

<<  <  ج: ص:  >  >>