للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا كانت هذه الآية يشتدُّ منها خوفُ السَّلف على نفوسهم، فخافوا أنْ لا يكونوا من المتَّقين الذين يُتقبل منهم.

وسُئل أحمد عن معنى (المتقين) فيها، فقال: يتقي الأشياء، فلا يقع فيما لا يَحِلُّ له.

قال أبو عبد الله الناجي الزاهد - رحمه الله -: «خمسُ خصال بها تمامُ العمل: الإيمان بمعرفة الله - عز وجل - ومعرفةُ الحقِّ، وإخلاصُ العمل للهِ، والعمل على السُّنَّةِ، وأكلُ الحلالِ، فإن فُقدَتْ واحدةٌ، لم يرتفع العملُ، وذلك أنَّك إذا عرَفت الله - عز وجل -، ولم تَعرف الحقَّ، لم تنتفع، وإذا عرفتَ الحقَّ، ولم تَعْرِفِ الله، لم تنتفع، وإنْ عرفتَ الله، وعرفت الحقَّ، ولم تُخْلِصِ العمل، لم تنتفع، وإنْ عرفت الله، وعرفت الحقَّ، وأخلصت العمل، ولم يكن على السُّنة، لم تنتفع، وإنْ تمَّتِ الأربع، ولم يكن الأكلُ من حلال لم تنتفع».

وقال وُهيب بن الورد: «لو قمتَ مقام هذه السارية لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل بطنك حلال أو حرام».

• الصدقة بالمال الحرام هل تُقبل؟

وأما الصدقة بالمال الحرام، فغيرُ مقبولةٍ كما في «صحيح مسلم» عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا يَقبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، ولَا صَدَقةً مِنْ غُلُولٍ».

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ـ وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ ـ فَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ» (رواه البخاري ومسلم).

(الفَلُوُّ: المُهْرُ).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «مَنْ كَسَبَ مَالًا حَرَامًا فَتَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ أجْرٌ، وَكَانَ إصْرُهُ عَلَيْهِ» (رواه ابن حبان في صحيحه، وإسناده جيد).

ورُوي عن أبي الدرداء، ويزيد بن مَيْسَرَة أنَّهما جعلا مثلَ من أصاب مالًا من غير حلِّه، فتصدَّق به مثلَ من أخذ مال يتيم، وكسَا بهِ أرملةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>