للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا أخوك عيسى بن مريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ»، فسِرْنَا، فسمعتُ صوتًا وتذمرًا، فأتينا على رجل، فقال: «من هذا يا جبريل؟»، قال: «هذا أخوك محمد»، فرحب بي ودعا لي بالبركة، وقال: «سَلْ لأمتك اليسر»، فقلت: «من هذا يا جبريل؟»، فقال: «هذا أخوك موسى»، قلت: «على من كان تذمره وصوته؟»، قال: «على ربه!»، قلت: «على ربه؟!»، قال: «نعم، قد عرف ذلك من حدته»، ثم سرنا، فرأينا مصابيح وضَوْء، قلت: «ما هذا يا جبريل؟»، قال: «هذه شجرة أبيك إبراهيم ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أتدنو منها؟»، قلت: «نعم»، فدنونا، فرحب بي، ودعا لي بالبركة، ثم مضينا حتى أتينا بيت المقدس، فربطت الدابة بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت المسجد، فنشرت لي الأنبياء، من سمى الله - عز وجل - منهم، ومن لم يُسَمّ، فصليتُ بهم إلا هؤلاء النفر الثلاثة: إبراهيم وموسى وعيسى، عليهم الصلاة والسلام» (١).

٥٧ - اجتنبوا الكبر، فإن العبد لا يزال يتكبر حتى يقول الله: اكتبوا عبدي هذا من الجبارين (٢).

٥٨ - أجَدتَّ، لا يفضض الله فاك»، رُوِيَ عن يعلى بن الأشدق العقيلي قال حدثني نابغة بني جعدة قال: أنشدت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا الشعر، فأعجب به:


(١) قال الحافظ ابن كثير في (تفسيره ٣/ ١٦): «فيه من الغرائب سؤال الأنبياء عنه - عليه السلام - ابتداء، ثم سؤاله عنهم بعد انصرافه والمشهور في الصحاح ـ كما تقدم ـ أن جبريل كان يُعْلِمُه بهم أولًا ليسلم عليهم سلام معرفة، وفيه أنه اجتمع بالأنبياء - عليهم السلام - قبل دخوله المسجد الأقصى، والصحيح أنه إنما اجتمع بهم في السموات ثم نزل إلى بيت المقدس ثانيا وهم معه وصلى بهم فيه ثم أنه ركب البراق وكر راجعا إلى مكة».
(٢) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: «إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً»، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاس» (رواه مسلم).
(بطر الحق) هو دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا، (غمط الناس) معناه احتقارهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>