للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذه النعمة؟

فنَصّ هذه الآية هنا يحتمل أحد مدلولين: أن هذا القرآن تذكير لك ولقومك تسألون عنه يوم القيامة، فلا حجة بعد التذكير. أو أن هذا القرآن يرفع ذِكْرَك وذِكْرَ قومك. وهذا ما حدث فعلًا.

فأما الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فإن مئات الملايين من الشِفَاه تُصلي وتسلم عليه، وتذكره ذكر المحب المشتاق آناء الليل وأطراف النهار منذ قرابة ألف وأربع مئة عام. ومئات الملايين من القلوب تخفق بذِكْرِه وحُبِّه منذ ذلك التاريخ البعيد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وأما قومه فقد جاءهم هذا القرآن والدنيا لا تحس بهم، وإن أحست اعتبرتهم على هامش الحياة. وهو الذي جعل لهم دورهم الأكبر في تاريخ هذه البشرية. وهو الذي واجهوا به الدنيا فعرفَتْهم ودانَتْ لهم طوال الفترة التي استمسكوا فيها به. فلما أنْ تخلّوْا عنه أنكَرَتْهم الأرض، واستصغرَتْهم الدنيا؛ وقذفت بهم في ذيل القافلة هناك، بعد أن كانوا قادة الموكب المرموقين!!

وإنها لَتَبِعَةٌ ضخمة تُسأل عنها الأمة التي اختارها الله لدينه، واختارها لقيادة القافلة البشرية الشاردة، إذا هي تخلت عن الأمانة: {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}.

المسلم لا يطيع المفسدين من العَلَمانيين وغيرهم:

قال تعالى: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} (الشعراء: ١٥١ – ١٥٢). {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ} الذين تجاوزوا الحد {الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} أي الذين وَصْفُهم ودأبُهم الإفساد في الأرض بعمل المعاصي والدعوة إليها إفسادا لا إصلاح فيه وهذا أضر ما يكون لأنه شر محض.

ويجب فضح المناهج والاتجاهات والأوضاع والمبادئ والسبل المخالفة للإسلام ليحيى مَن حَيَّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة. ولقد كان من مهمة الأنبياء

<<  <  ج: ص:  >  >>