للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا اسْم الْحَج يتَنَاوَل كل مَا شرع من ركن وواجب ومستحب وَهُوَ أَيْضا تَامّ بِدُونِ المستحبات وَحج نَاقص بِدُونِ الْوَاجِبَات

والشارع لَا يَنْفِي اسْم الايمان عَن العَبْد لترك مُسْتَحبّ لَكِن لترك وَاجِب

وَلَفظ الْكَمَال يُرَاد بِهِ الْكَمَال الْوَاجِب والكمال الْمُسْتَحبّ فَلَمَّا قَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ وَنَحْو ذَلِك كَانَ المُرَاد أَنه يَنْفِي بعض مَا وَجب فِيهِ لَا يَنْفِي الْكَمَال الْمُسْتَحبّ

وَالْإِيمَان يَتَبَعَّض ويتفاضل النَّاس فِيهِ كَالْحَجِّ وَالصَّلَاة وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يخرج من النَّار من فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان ومثقال شعيرَة

وَأما إِذا اسْتعْمل اسْم الْإِيمَان مُقَيّدا كَقَوْلِه تَعَالَى {الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِيمَان أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وكته وَرُسُله والبعث بعد الْمَوْت

فَهُنَا قد يُقَال إِنَّه متناول لذَلِك وَأَن عطف ذَلِك عَلَيْهِ من بَاب عطف الْخَاص على الْعَام كَقَوْلِه تَعَالَى {من كَانَ عدوا لله وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل وميكال}

وَقد يُقَال إِن دلَالَة الإسم متنوعة بِالْإِفْرَادِ والاقتران كَلَفْظِ الْفَقِير والمسكين إِذا أفرد أَحدهمَا تنَاول الآخر وَإِذا جمع بَينهمَا كَانَا صنفين

وَلَا ريب أَن فروع الْإِيمَان مَعَ أُصُوله كالمعطوفين وَهِي مَعَ جَمِيعه كالبعض مَعَ الْكل

وَمن هُنَا نَشأ النزاع والاشتباه هَل الْأَعْمَال دَاخِلَة الْإِيمَان أم لَا لكَونهَا عطفت عَلَيْهِ فِي الْآيَات وَالْأَحَادِيث

وَقد يعْطف على الْإِيمَان بعض شُعْبَة فَيُقَال هَذَا أرفع الْإِيمَان أَي الْيَقِين وَالْمُؤمن الَّذِي مَعَه يَقِين وَعلم أرفع من الْمُؤمن الَّذِي مَعَه يَقِين وَلَيْسَ مَعَه علم

وَمَعْلُوم أَن النَّاس يتقاضون فِي نفس الْإِيمَان والتصديق فِي قوته وَضَعفه وعمومه وخصوصه وبقائه ودوامه وموجبه ومقتضيه وَغير ذَلِك من أُمُوره

<<  <   >  >>