للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ بِمَنْزِلَة من زرع أَرض الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه فَهُوَ كَمَا لَو اتّجر فِي مَال يطنه لنَفسِهِ فَبَان أَنه لغيره

وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة قَول ثَالِث قضى بِهِ عمر رَضِي الله عَنهُ فِي نظيرها وَهُوَ أَصَحهَا فَإِنَّهُ كَانَ قد اجْتمع عِنْد أبي مُوسَى الاشعري رَضِي الله عَنهُ مَال للْمُسلمين يُرِيد أَن يُرْسِلهُ إِلَى عمر فَمر بِهِ عبد الله وَعبيد الله ابْنا عمر فاستقرضاه فَقَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيع أَن أعطيكما شَيْئا وَلَكِن عِنْدِي مَال أُرِيد أَن أحملهُ إِلَى أبيكما فخذاه اتجرا بِهِ وَأَعْطوهُ مثل المَال فتكونان قد انتفعتما وَالْمَال حصل عِنْده مَعَ ضمانكما لَهُ فاشتريا بِهِ بضَاعَة فَلَمَّا قدما على عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ أكل الْعَسْكَر أقرضهم مثل مَا أقرضكما فَقَالَا لَا ضعا الرِّبْح كُله فِي بَيت المَال فَسكت عبد الله وَقَالَ لَهُ عبيد الله أَرَأَيْت لَو ذهب هَذَا المَال أما كَانَ علينا ضَمَانه قَالَ بلَى فَقَالَ كَيفَ يكون الرِّبْح للْمُسلمين وعلينا ضَمَانه فَوقف عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ لَهُ الصَّحَابَة اجْعَلْهُ مُضَارَبَة بَينهمَا وَبَين الْمُسلمين لَهما النّصْف من الرِّبْح وَالْمُسْلِمين النّصْف فَعمل عمر ذَلِك

وَهَذَا أحسن الْأَقْوَال فِي هَذِه الْمَسْأَلَة الَّتِي تنَازع فِيهَا الْفُقَهَاء وَفِي مَسْأَلَة التِّجَارَة بالوديعة وَغَيرهَا من مَال الْغَيْر فَإِن فِيهَا أَرْبَعَة أَقْوَال لِأَحْمَد وَغَيره هَل الرِّبْح للْمُودع أَو لبيت المَال أَو لِلْعَامِلِ أَو يتصدقان بِهِ أَو يقسم بَينهمَا كالمضاربة

وَمَسْأَلَة الإقطاع كَذَلِك فَإِنَّهُ زرع الأَرْض يَظُنهَا لنَفسِهِ فَتبين أَنَّهَا أَو بَعْضهَا لغيره فَجعل الزَّرْع بَينهمَا للمزارعة الْمُطلقَة مشاطرة فَجعل للْأولِ نصف الزَّرْع كالعامل فِي الْمُزَارعَة وَجعل النّصْف الثَّانِي للمنفعة الْمُقطعَة وَالْأول قد اسْتحق ربعهَا فَيجْعَل لَهُ النّصْف بِنَاء على مَا ذكرنَا وَللثَّانِي ثَلَاثَة أَربَاع النّصْف وَهَذَا أعدل الْأَقْوَال فِي مثل هَذِه الْمَسْأَلَة

وتضمن ذَلِك أَن المارعة يكون الزَّرْع فِيهَا من الْعَامِل وَهُوَ الصَّوَاب كَمَا عَامل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل خَيْبَر

وَأما الْقُوَّة الَّتِي تجْعَل على الأَرْض فَإِنَّهَا لَيست قرضا مَحْضا كَمَا يَظُنّهُ

<<  <   >  >>