للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السّلف ولأئمة الأكابر وَقد رخص فِيهِ بعض الْمُتَأَخِّرين من الْفُقَهَاء وَجعل هَذَا من بَاب الْجعَالَة وَهُوَ مُخَالف للسّنة وأقوال الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَالْأَئِمَّة فَهُوَ غلط لِأَن مثل هَذَا الْعَمَل من الْمصَالح الْعَامَّة الَّتِي يكون الْقيام بهَا فرضا إِمَّا على الْأَعْيَان وَإِمَّا على الْكِفَايَة وَمن سوغ أحد الْجعل على مثل هَذَا لزم أَن تكون الْولَايَة وَإِعْطَاء أَمْوَال الْفَيْء وَالصَّدقَات وَغَيرهَا وكف الظُّلم عَمَّن يبْذل فِي ذَلِك وَالَّذِي لَا يبْذل لَا يولي وَلَا يعْطى وَإِن كَانَ أَحَق وأنفع للْمُسلمين من هَذَا وَالْمَنْفَعَة فِي هَذَا لَيست لهَذَا الْبَاذِل حَتَّى يُؤْخَذ من الْجعل كالجعل على الْآبِق والشارد وَإِنَّمَا الْمَنْفَعَة لعُمُوم النَّاس أَعنِي الْمُسلمين فَإِنَّهُ يجب أَن يُولى فِي كل مرتبَة أصلح من يقدر عَلَيْهَا وَأَن يرْزق من رزق الْمُقَاتلَة وَالْأَئِمَّة والمؤذنين وَأهل الْعلم وَالَّذين أَحَق الْمُسلمين وأنفعهم للْمُسلمين وَهَذَا وَاجِب على الإِمَام وعَلى الْأَئِمَّة أَن يعاونوه على ذَلِك فَمن أَخذ جعلا من شخص معِين على ذَلِك أفْضى إِلَى أَن تطالب هَذِه الْأُمُور بِالْعِوَضِ وَنَفس طلب الْولَايَة مَنْهِيّ عَنهُ فَكيف بِالْعِوَضِ وَيلْزم على ذَلِك تَوْلِيَة الْجَاهِل وَالْفَاسِق والفاجر وَيتْرك الْعَالم الْعَادِل الْقَادِر وَأَن يرْزق فِي ديوَان الْمُقَاتلَة الْفَاسِق والجبان الْعَاجِز عَن الْقِتَال وَترك الْعدْل والشجاع النافع للْمُسلمين وفاسد هَذَا كثير بل يشفع وَلَا يَأْخُذ هَذَا هُوَ الْمَأْمُور بِهِ وَأما ذَانك الْأَمْرَانِ فكلاهما مَنْهِيّ عَنهُ وَلَكِن إِذا كَانَ لَا بُد من أَخذ فقد يرجع هَذَا تَارَة وَهَذَا تَارَة أُخْرَى فَإِذا أَخذ وشفع لمن هُوَ الأحق وَالْأولَى فَهُنَا ترك الشَّفَاعَة وَالْأَخْذ أضرّ من الشَّفَاعَة وَالْأَخْذ وَيُقَال لهَذَا الشافع ذِي الجاه الَّذِي تقبل الشَّفَاعَة بجاهه عَلَيْك أَن تكون ناصحا لله وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسلمين وعامتهم وَلَو لم يكن لَك هَذَا الجاه وَالْمَال فَكيف إِذا كَانَ لَك هَذَا الجاه وَالْمَال فَأَنت عَلَيْك أَن تنصح للمشفوع إِلَيْهِ فَتبين لَهُ من يسْتَحق الْولَايَة والاستخدام وَالعطَاء وَمن لَا يسْتَحق ذَلِك وتنصح للْمُسلمين بِفعل مثل ذَلِك وتنصح لله وَرَسُوله بطاعتهما فَإِن هَذَا من أعظم طاعتهما وَتَنْفَع أَخَاك هَذَا الْمُسْتَحق بمعاونته على ذَلِك كَمَا علك أَن تصلي وتصوم وتجاهد فِي سَبِيل الله

<<  <   >  >>