للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

التُّجَّار أَو الصناع أَو الفلاحين لَكِن إِن كَانَ مَعَ ذَلِك متقرا إِلَى الله بالنوافل كَانَ من المقربين وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك دَاعيا غَيره إِلَى الله هاديا لِلْخلقِ كَانَ أفضل من غَيره من أَوْلِيَاء الله كَمَا قَالَ تَعَالَى {يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات} قَالَ ابْن عَبَّاس للْعُلَمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء لِأَن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما وَإِنَّمَا ورثوا الْعلم فَمن أَخذه أَخذ بِخَط وافر فضل الْعَالم على العابد كفضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب رَوَاهُمَا أهل السّنَن

إِذا تبين ذَلِك فَمن كَانَ جَاهِلا بِمَا أمره الله بِهِ وَمَا نَهَاهُ عَنهُ لم يكن من أَوْلِيَاء الله وَإِن كَانَ فِيهِ زهادة وَعبادَة لم يَأْمر الله بهما وَرَسُوله كالزهد وَالْعِبَادَة الَّتِي كَانَت فِي الْخَوَارِج والرهبان وَنَحْوهم كَمَا أَن من كَانَ عَالما بِأَمْر الله وَنَهْيه وَلم يكن عَاملا بذلك لم يكن من أَوْلِيَاء الله بل قد يكون فَاسِقًا فَاجِرًا كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الْمُؤمن الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن كالأثرجة طعمها طيب وريحها طيب وَمثل الْمُؤمن الَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن مثل التمرة طعمها وَلَا ريبح لَهَا وَمثل الْمُنَافِق الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن مثل الحنظلة طعمها مر وَلَا ريح لَهَا

وَيُقَال مَا اتخذ الله وليا جَاهِلا أَي جَاهِلا بِمَا أمره بِهِ وَنَهَاهُ عَنهُ فَأَما من عرف مَا أَمر الله وَمَا نهى عَنهُ وَعمل بذلك فَهُوَ الْوَلِيّ لله وَإِن لم يقْرَأ الْقُرْآن كُله وَإِن لم يحسن أَن يُفْتى النَّاس وَيَقْضِي بَينهم

فَأَما الَّذِي يرائي بِعَمَلِهِ الَّذِي لَيْسَ بمشروع فَهَذَا بِمَنْزِلَة الْفَاسِق الَّذِي ينتسب إِلَى الْعلم وَيكون علمه من الْكَلَام الْمُخَالف لكتاب الله وَسنة رَسُوله فَكل من هذَيْن الصِّنْفَيْنِ بعيد عَن ولَايَة الله تَعَالَى بِخِلَاف الْعَالم الْفَاجِر الَّذِي يَقُول مَا يُوَافق الْكتاب وَالسّنة وَالْعَابِد الْجَاهِل الَّذِي يقْصد بِعِبَادَتِهِ الْخَيْر فَإِن كلا من هذَيْن مُخَالف لأولياء الله من وَجه دون وَجه فقد يكون فِي الرجل بعض خِصَال أَوْلِيَاء

<<  <   >  >>