للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكراهيتها في الأسماع، فإذا تنافرت حروف الكلمة كان ذلك عيبًا مخلًّا بفصاحتها، وهذا التنافر منه ما هو متناه في الثقل، ومنه ما هو دون ذلك.

فمن الأول الذي يوجب التناهي في الثقل كلمة "الهخع" هكذا بهاء مضمومة في أوله، في قول عربي سئل عن ناقته فقال: تركتها ترعى الهخع. وقد قالوا: إنه اسم نبات ترعاه إبل. وقيل: إنه كلمة معاياه لا أصل لها. وعلى أي حال فأنت تدرك ما في هذه الكلمة من الثقل الشديد، ومن هذا القبيل أيضًا كلمات: عقجق والظش والصصا والشصاصا. ومثال الثاني الذي أقل في تناهيه في الثقل عن سابقه، كلمة مستشزرات في قول امرئ القيس:

وفرع يزين المتن أسود فاحم ... أثيث كقنو النخلة المتعثكل

المتعثكل: يعني المتراكم. غدائره: الغدائر هي الزوائد.

مستشزرات إلى العلا ... تضل المدار في مسنًّا ومرسل

يقول: إن ذوائب شعرها مرتفعات، ولكثرته تغيب خصله وتختفي في المفتول منه والمرسل، أو تغيب المدارى في المفتول منه والمرسل. فأنت تجد في كلمة مستشزرات هنا تنافرًا يحسه السمع، وتكرهه الأذن، وإن كان أخف في الثقل على اللسان من النوع الأول، وقد نشأ الثقل من توسط الشين المهموسة الرخوة بين التاء المهموسة الشديدة والزاي المجهورة، ومن هذا القبيل أيضًا كلمة اطلخم في قول الشاعر:

قد قلت لما اطلخم الأمر وانبعثت ... عشواء تالية غُبْسًا دهاريسا

اطلخم يعني: اشتد وتفاقم. عشواء: صفة لمحذوف أي ليلة عشواء شديدة الظلمة. غبسًا: جمع غبساء كعشواء. والدهاريس يعني: الدواهي.

<<  <   >  >>